ما أسعدك بهذه العصا يا بن أنيس! وما أعظم حظك عندما تقدمها بين يدي أعمالك يوم الدين! إنها آية بينة على حبك لله ورسوله وجهادك الميمون في سبيل دينك.
وتناول عبد الله سيفه وقرن به عصا رسول الله ومشى بها سعيداً فخوراً.
* *
ومرض رسول الله فوجفت قلوب المسلمين، واشتد به الوجع فهرولوا إلى مسجده وبيته يستطلعون الخبر، وماج المسجد بمن فيه وانتشر خبر وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكثر اللغظ وعلا وسُمع عمر وهو يتهدد الناس ويتوعدهم: من قال إن محمداً قد مات ضربت عنقه!
ولم يهدأ القوم حتى سمعوا أبا بكر يتلو عليهم قول ربهم: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً، وسيجزي الله الشاكرين " (?) . وقد استمعوا إليه في ذهول وهو
يقول: " من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ".