الجنسين بغض الطرف عما لا يحل له من الآخر، وأتبع قوله: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} بقوله: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} فبدأ بالأمر بغض البصر قبل الأمر بحفظ الفرج؛ لأن النظر بالبصر هو السبب في الزنا بالفرج، لأن النظر بريد الزنا فقد يُمَتِّع الرجلُ عينه بالنظر إلى امرأة جميلة، فيستولي حبها على قلبه فيدغدغهما ذلك إلى الفاحشة، ولا سيما في هذا الزمان الذي نُزِعَت فيه خشية الله من القلوب وانتشر فيه الفساد والإباحية، فلا تكاد ترى من يغض بصره حياءً من الله وخوفًا منه إلا من شاء الله من القليل النادر، نعوذ بالله من الخذلان وطمس البصيرة.
وقد بين مسلم بن الوليد الأنصاري في شعره سوء عاقبة النظر المحرم بقوله:
كسبت لقلبي نظرة لتسره ... عيني فكانت شقوة ووبالا
ما مرَّ بي شيء أشد من الهوى ... سبحان من خلق الهوى وتعالى
وإذا تأملت هذه الآداب السماوية المذكورة في هذه الآية علمت أن دعاة السفور إلى الاختلاط يعارضونها بفلسفة شيطانية يكمن من ورائها ضياع الشرف والعفاف، ويتحصل بسببها تدنيس الأعراض وتقذير الفرش وعدم سلامة الأنساب وعدم صفائها من أقذار الاختلاط.
وإيضاحه: أن من يدعو إلى اجتماع الطالبات في عنفوان شبابهن