المسلمين من الاقتداء بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأدب السماوي الكريم، فهو مريض القلب غاشٌّ لأمته أشد الغش، و"من غشنا فليس منا".
ويفهم من مفهوم المخالفة -المعروف في الأصول بدليل الخطاب- في الآية أن الاختلاط وعدم الاحتجاب أنجس وأقذر لقلوبكم وقلوبهن، لأن قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} يدل بمفهوم مخالفته أنكم إن سألتموهن متاعًا مباشرة لا من وراء حجاب أن ذلكم ليس أطهر لقلوبكم وقلوبهن بل هو أنجس لقلوبكم وقلوبهن.
ومن الأدلة القرآنية على ذلك: أن الله تعالى أمر كل واحد من الجنسين بغض البصر عن الآخر، وبين أن ذلك الأدب السماوي أزكى لهم، أي أطهر من الريبة، وهدَّد من لم يمتثل للأمر من الجنسين بأنه خبير بما يصنع لا يخفى عليه منه شيء، وذلك في قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)} [النور: 30] فانظر قوله: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} تجده يتضمن أدبًا سماويًّا فيه غاية المحافظة على الفضيلة من أقذار الريبة.
وانظر قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)} فإنه تهديد عظيم لمن لم يغض طرفه بل تركه يتمتع بما حرمه الله.
ثم قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ... } [النور / 31] إلى آخر الآيات، وفيها تصريح الله جل وعلا بأمره كلًّا من