قال ثم دعى بأبى خزيمة فعرض عليه القضاء فامتنع؛ فدعى له بالسيف والنطع، فضعف قلب الشيخ ولم يحتمل ذلك، فأجاب إلى القبول فاستقضى.

وأجرى عليه فى كلّ شهر عشرة دنانير، وكان لا يأخذ ليوم الجمعة رزقا، ويقول:

إنما أنا أجير المسلمين «1» ؛ فإذا لم أعمل لهم لم آخذ متاعهم. فكان يقال لحيوة بن شريح: ولى أبو خزيمة القضاء، فيقول حيوة: أبو خزيمة خير منى، اختبر «2» فصحّ.

قال: وكان أبو خزيمة يعمل الأرسان ويبيعها قبل أن يلى القضاء، فمرّ به رجل من أهل الإسكندريّة وهو فى مجلس الحكم، فقال: لأختبرنّ أبا خزيمة، فوقف عليه، فقال له: يا أبا خزيمة، احتجت إلى رسن لفرسى، فقام أبو خزيمة إلى منزله فأخرج رسنا فباعه منه ثم جلس.

قال وسمعت أبى عبد الله بن عبد الحكم، يقول: كان أبو خرشة المرادى صديقا لأبى خزيمة، فمرّ به ذات يوم فسلّم عليه فلم ير منه ما كان يعرف، وكان أبو خرشة قد خوصم إليه فى جدار؛ فاشتدّ ذلك على أبى خرشة؛ فشكا ذلك إلى بعض قرابته، فقال له: إنّ اليوم يوم الخميس- أو قال يوم الاثنين- وهو صائم، فإذا صلّى المغرب ودخل «3» فاستأذن عليه، ففعل أبو خرشة، قال: فدخلت عليه وبين يديه ثريد عدس فسلّم عليه فردّ عليه كما «4» كان يعرف، وقال له: ما جاء بك؟ فأخبره أبو خرشة، فقال: ما كان ذلك إلّا أنّ خصمك خفت «5» أن يرى سلامى عليك فيكسره ذلك عن بعض حجّته، فقال أبو خرشة: فإنى أشهدك أن الجدار له.

قال: وحدثنى بعض مشايخ البلد، أن يزيد بن حاتم وهو يومئذ والى البلد، جاء إلى أبى خزيمة فى منزله، فخرج اليه أبو خزيمة إلى باب داره، وألقيت ليزيد بن حاتم صفّة سرجه فجلس عليها حتى قضى حاجته ثم انصرف؛ فكلّم أبو خزيمة فى ذلك فقال: لم يكن فى منزلى شىء يجلس عليه فخرجت إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015