وولى عبد الرحمن بن سلام بن أبى سالم الجيشانى «1» ، فلم يزل على القضاء إلى دخول المسوّدة، فصرف عن القضاء واستعمل على الخراج. وردّ خير بن نعيم فلم يزل قاضيا حتى صرف فى سنة خمس وثلاثين ومائة.

وكان سبب صرفه كما حدثنا يحيى بن بكير، أن رجلا من الجند قذف رجلا فخاصمه إليه وثبّت عليه شاهدا واحدا، فأمر بحبس الجندى إلى أن يثبّت الرجل شاهدا آخر، فأرسل أبو عون عبد الملك بن يزيد فأخرج الجندىّ من الحبس، فاعتزل خير وجلس فى بيته وترك الحكم، فأرسل اليه أبو عون فقال: لا، حتى يردّ الجندىّ إلى مكانه، فلم يردّ وتمّ على عزمه، فقالوا له: فأشر علينا برجل نولّيه، فقال: كاتبى غوث بن سليمان.

فولى غوث بن سليمان الحضرمى «2» ، فلم يزل قاضيا حتى خرج مع صالح ابن على إلى الصائفة سنة أربع وأربعين ومائة.

ثم ولى أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الثاتىّ- بطن من حمير- «3» وكان سبب ولايته أن أبا عون شاور فى رجل يوليه القضاء. ويقال بل هو صالح بن على. فأشير عليه بثلاثة نفر: حيوة بن شريح، وأبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الحميرى، وعبد الله بن عيّاش القتبانى. وكان أبو خزيمة يومئذ بالإسكندرية فأشخص. ثم أتى بهم إليه فكان أوّل من نوظر حيوة بن شريح، فامتنع، فدعى له بالسيف والنطع «4» ، فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحا «5» كان معه فقال: هذا مفتاح بيتى، ولقد اشتقت إلى لقاء ربّى «6» ، فلمّا رأوا عزمه تركوه؛ فقال لهم حيوة: لا تظهروا ما كان من إبائى لأصحابى؛ فيفعلوا مثل ما فعلت فنجا حيوة.

قال وسمعت أبى عبد الله بن عبد الحكم، يقول قال عبد الله بن المبارك: ما ذكر لى أحد بفضل فرأيته «7» إلّا رأيته دون ما ذكر لى عنه، إلّا حيوة بن شريح، وابن عون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015