أو إلى الحق الذي في قوله: (لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ) أي: هذا الذي يكتمونه هو الحق من ربك؛ وأن تكون للجنس على معنى: الحق من الله لا من غيره، يعني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدال عليه قوله: (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)، وإما الحق الذي اشتمل عليه قوله: (لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ)، فالضمير المقدر مبتدأ راجع إلى اسم الإشارة، والخبر معرف باللام فيفيد الحصر الذي نبه عليه بقوله: "هذا الذي يكتمونه هو الحق من ربك"، وإذا كان للجنس فالمشار إليه ما في ذهن أهل الحق من الحق الذي هم فيه.

وذكر القاضي وجهاً آخر، وقال: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ): كلام مستأنف مبتدأ وخبر، واللام للعهد، والإشارة على ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أو الحق الذي يكتمونه. بقي وجه آخر وهو أن تكون اللام للجنس "ويكتمون" خبر مبتدأ محذوف، فهو ممتنع، لأنه لا معنى لقولك: المذكور جنس الحق الكائن من ربك، اللهم إلا على الادعاء كما في قولك: حاتم الجواد.

وعلى التقديرين الحصر لازم، أما على العهد فكما سبق، وأما على الجنس فلأن حقيقة الحق وماهيته إذا كانت صادرة من الله تعالى لا يكون فرد من أفرادها لغيره، وإليه الإشارة بقوله: "الحق من الله لا من غيره".

قوله: (أو إلى الحق الذي في قوله: (لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ))، فيه إشكال لما يؤدي إلى اتحاد الخبر والمخبز عنه، وأن التقدير: هذا الذي يكتمونه هو الذي يكتمونه، فيقال: لا ارتياب أن الحق الأول مظهر وضع موضع ضمير هو عبارة عما في "يعرفونه"، للإشعار بأن الذي يعرفونه ويكتمونه حق مبين، وهم في كتمانه على ضلال وباطل، فالمبتدأ المقدر عبارة عن المعنى، وهو شأن الرسول صلى الله عليه وسلم أو القرآن أو التحويل، فالإشارة باللام إلى اللفظ وهو مطلق الحق، وإليه يلمح قوله: "هذا الذي يكتمونه هو الحق"، ونظيره قوله تعالى: (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَباً وَلَوْ افْتَدَى بِهِ) [آل عمران: 91].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015