(وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) يعني أنهم مع اتفاقهم على مخالفتك مختلفون في شأن القبلة، لا يرجى اتفاقهم كما لا يرجى موافقتهم لك؛ وذلك أن اليهود تستقبل بيت المقدس، والنصارى مطلع الشمس.

أخبر عز وجل عن تصلب كل حزب فيما هو فيه وثباته عليه؛ فالمحق منهم لا يزل عن مذهبه؛ لتمسكه بالبرهان، والمبطل لا يقلع عن باطله؛ لشدة شكيمته في عناده. وقوله: (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (عن تصلب كل حزب)، الأساس: ومن المجاز: فلان صلب في دينه، وقد تصلب لذلك: تشدد له.

قوله: (شكيمته)، الأساس: عض الفرس على الشكيمة والشكيم، ومن المجاز: إن فلاناً لشديد الشكيمة: إذا كان ذا حد وعارضة.

قوله: (وقوله: (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ)): مبتدأ، والخبر: "كلام وارد"، والضمير في "حاله" لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي "عنده" لله تعالى، وقوله: (في قوله) ظرف للإفصاح، يعني: مجيء قوله: (وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ) بعد ما أفصح بقوله: (وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) يدل على أن الكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير: إلهاباً أو تعريضاً، لئلا يلزم التنافي بين ذلك التصريح بالنفي البليغ وهذا التعليق، وإنما كان النفي بليغاً لمجيء "الباء" في الخبر، وإن "أنت" نحو مثل في قولك: مثلك لا يبخل، وجدت نحوه في تضاعيف كلامه، وإفادة ذلك من أن قوله: (وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) عطف على جواب القسم، على أن القسم منصب على المعطوفين معاً، وتحرير المعنى: والله ما مثلك في صدد الرسالة ومتبع الآيات البينات بتابع قبلة هؤلاء الجهلة الذين لا يجدي عليهم كل برهان قاطع، وإلى معنى العطف على جواب القسم ينظر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015