(لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) روي: أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا، وهو أعلم، فيؤتى بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيشهدون، فتقول الأمم: من أين عرفتم؟ فيقولون: علمنا ذلك بإخبار الله في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق، فيؤتى بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيسأل عن حال أمته، فيزكيهم ويشهد بعدالتهم، وذلك قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء: 41]. فإن قلت: هلا قيل: لكم شهيداً، وشهادته لهم لا عليهم! قلت: لما كان الشهيد كالرقيب والمهيمن على المشهود له؛ جيء بكلمة الاستعلاء، ومنه قوله تعالى: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة: 6]، (كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة: 117]. وقيل: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) في الدنيا فيما لا يصح إلا بشهادة العدول الأخيار،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضي: (وَسَطاً) في الأصل: اسم المكان الذي تستوي إليه المساحة من الجوانب، ثم استعير للخصال المحمودة لوقوعها بين طرفي إفراط وتفريط، كالجود بين الإسراف والبخل، والشجاعة بين التهور والجبن، ثم أطلق على المتصف بها، واستدل به على أن الإجماع حجة، إذ لو كان فيما اتفقوا عليه باطل لا نثلمت به عدالتهم.
وقال الزجاج: يقال: هو من أوسط قومه، أي: من خيارهم، والعرب تصف الفاضل النسب بأنه من أوسط قومه، على التمثيل، فتمثل القبيلة بالوادي والقاع، فخير الوادي وسطه، فيقال: هذا من وسط قومه، ومن وسط الوادي، أي: من خير مكان فيه.
قوله: (فهلا قيل: لكم شهيداً). هذا السؤال وارد على تأويله، وهو قوله: "فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بعدالتهم"، يعني أن "شهد عليه" أكثر ما تستعمل فيما فيه مضرة، كما أن