(وَيَعْقُوبُ) عطف على إبراهيم داخل في حكمه، والمعنى: ووصى بها يعقوب بنيه أيضاً. وقرئ (ويعقوب) بالنصب عطفاً على (بَنِيهِ)، ومعناه: ووصى بها إبراهيم بنيه ونافلته يعقوب. (يَا بَنِيَّ) على إضمار القول عند البصريين، وعند الكوفيين يتعلق بـ (وَصَّى)؛ لأنه في معنى القول، ونحوه قول القائل:

رجلان من ضبة أخبرانا ... إنا رأينا رجلاً عريانا

بكسر الهمزة، فهو بتقدير القول عندنا، وعندهم يتعلق بفعل الإخبار. وفي قراءة أبي وابن مسعود: (أن يا بني)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: هذا هو الحق؛ لأن قوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) كما قال المصنف: "استشهاداً على ما ذكر"، يعني يستبعد من العاقل المميز أن يرغب عن ملة إبراهيم، والحال أنه مصطفى في الدنيا صالح في الآخرة. وإن شئت فاذكر ذلك الوقت الذي أظهر الملة الواضحة، وحين قال له ربه: أسلم، قال: أسلمت لرب العالمين، ليظهر لك إنابته وإخباته وينصره، عطف قوله: (وَوَصَّى) على (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، أي: اذكر إذ قال الله له: أسلم، فامتثل أمره وأسلم، وما اكتفى به، بل ضم معه توصية بنيه بالإسلام، والذي يدل عليه قوله: (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132]؛ لأنه الموصى به، وهو مطابق لقوله: (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، وإنما ضم الوصية إلى امتثال الأمر لحنوه وحدبه على ذريته فلم يخص نفسه بما ناله من الفضل والكرامة، بل شارك ذريته معه، ومثله قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [البقرة: 124].

قوله: (من ضبة): اسم قبيلة، الجوهري: وضبة بن أد عم تميم بن مر.

قوله: (فهو في تقدير القول عندنا)؛ لأنه لو تعلق بـ "أخبرانا" لكان "إن" مفتوحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015