وقيل: معناه سفه في نفسه، فحذف الجار، كقولهم: زيد ظني مقيم، أي: في ظني، والوجه هو الأول، وكفى شاهداً له بما جاء في الحديث: "الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس"،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام
ونمسك بعده بذناب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام
الشعر للنابغة يمدح النعمان بن المنذر، وذناب الوادي: منتهاه، وذناب الشيء بالكسر: عقبه. ربيع الناس، أي: سبب طيب عيشهم، وأريد بالشهر الحرام: الأمن، أي: نبقى بعد الممدوح في طرف عيش قد مضى صدره وخيره وبقي ذنبه وما لا خير فيه، الأجب: الجمل المقطوع السنام. واستشهد بأنه نصب الظهر بالأجب على التمييز، قيل: يجوز النصب في البيتين على التشبيه بالمفعول، لا على التمييز، كقولك: الحسن الوجه، وهو الوجه.
قوله: (والوجه هو الأول) أي: أن يكون "سفه" متعدياً كما في الحديث، فإن "سفه" فيه متعد بلا ارتياب. والحديث من رواية ابن مسعود: "الكبر بطر الحق وغمط الناس"، أخرجه مسلم والترمذي.
قال صاحب "النهاية": وفي الحديث: "إنما ذلك من سفه الحق وغمط الناس"، يقول: غمض الناس يغمصهم غمصاً، وكذلك غمط، أي: حقرهم ولم يرهم شيئاً، بطر الحق وهو: أن يجعل ما جعله الله حقاً من توحيده وعبادته، باطلاً، وقيل: هو أن يتجبر عن الحق فلا يراه حقاً، وقيل: أن يتكبر عن الحق فلا يقبله.