لأنه مثابة لكل من الناس لا يختص به واحد منهم. (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) [الحج: 25]. (وَاتَّخَذُوا) على إرادة القول، أي: وقلنا: اتخذوا منه موضع صلاة تصلون فيه، وهي على وجه الاختيار والاستحباب دون الوجوب.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أخذ بيد عمر رضي الله عنه فقال: "هذا مقام إبراهيم" فقال عمر: أفلا نتخذه مصلى؟ يريد: أفلا نؤثره لفضله بالصلاة فيه؛ تبركاً به وتيمناً بموطئ قدم إبراهيم؟ فقال: "لم أؤمر بذلك"، فلم تغب الشمس حتى نزلت.

وعن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلم الحجر ورمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة، حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين وقرأ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: إذا فسرت الكلمات بالأمر، على ما سبق، مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه راجح.

قوله: (لأنه مثابة لكل من الناس): تعليل لقراءة الجمع، يريد أن البيت وإن كان مثابة في نفسه لكنه مثابات باعتبار القاصدين؛ لكل منهم مثابة تختص به، فإذن لا يختص به واحد منهم، والمراد بالناس: الذين يقصدونه من كل جانب، فلا يحتاج إلى التكرار بالمرات.

روى محيي السنة، عن مجاهد وسعيد بن جبير: يثوبون إليه من كل جانب: يحجون به، فالتعريف في "الناس" استغراق عرفي.

قوله: (أنه أخذ بيد عمر رضي الله عنه)، الحديث من رواية البخاري ومسلم وابن ماجة والدارمي، عن أنس وابن عمر رضي الله عنهما، أن عمر رضي الله عنه قال: وافقت ربي في ثلاث:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015