ولأن الجاني يأوي إليه فلا يتعرض له حتى يخرج. وقرئ: (مثابات)؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والفضل، قال الله تعالى: (هُدًى لِلنَّاسِ) [البقرة: 185]، وقال: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2]. ومن ثم فسره بقوله: "أعيان الذين يزورونه"، وإما مجازي، وهو المراد بقوله: "أو أمثالهم". أي: أمثال الذين يزورونه، أي: من هم على صفتهم في كونهم وفد الله وزوار بيته. فالثابت إذاً: من هو متصف بصفة الوفادة لا عين الشخص، والتعريف أيضاً للجنس، كقولهم: دخلت السوق في بلد كذا، يريد سوقاً من الأسواق. يعني: جعلنا البيت مثابة للزائرين زواراً إثر زوار.

قوله: (ولأن الجاني) عطف على قوله: "كقوله: (حَرَماً آمِناً .... ) "، يريد أن معنى (آمِناً): "ذا أمن"، وموضع أمن كقوله تعالى: (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) [إبراهيم: 37]؛ لأن من سكن فيه آمناً إلى الحرم أمن من خطف الناس، فالحرم إذاً موضع أمن على الحقيقة، أو لأن الجاني يأوي إليه فلا يتعرض له، فيأمن حتى يخرج. فعلى هذا إسناد (آمناً) إلى الحرم على سبيل المجاز؛ لأن المقصود: أمن الملتجئ إليه، فأسند إليه مبالغة، وهذا مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، واستدل بظاهر الآية.

وروى الإمام، عن الشافعي رضي الله عنه: من دخل البيت ممن وجب عليه الحد يؤمر بالتضييق عليه حتى يخرج، وإن لم يخرج حتى قتل في الحرم جاز، وأول الأمن بأن يكون آمناً من القحط وعن نصب الحروب فيه، وعن إقامة الحدود، وليس اللفظ من العام حتى يحمل على الكل، أما حمله على الأمن كما ذكرنا فأولى، لأنا لا نحتاج حينئذ إلى حمل لفظ الخبر على الأمر، ونحتاج على ذلك إليه.

قال القاضي: (أَمْناً)، أي: يأمن حاجه من عذاب الآخرة من حيث إن الحج يجب ما قبله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015