{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} أي: قبة، ومنه: أبنية العرب؛ لمضاربهم؛ لأن السماء في منظر العين كقبة مضروبة على وجه الأرض. {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} وقرئ بكسر الصاد، والمعنى واحد. قيل: لم يخلق حيوانًا أحسن صورة من الإنسان. وقيل: لم يخلقهم منكوسين كالبهائم، كقوله: {في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]. {فَادْعُوهُ}: فاعبدوه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} إلى آخره قد بني فيه الخبر وهو الموصولة المشتملة على صلات هي أفعال يختص بها الباري على الاسم الجامع ليتم بها عن الغير، كذلك قوله: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا}، وكما أن قوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أتى ليشير به إلى أن الموصوف بتلك الصفات المذكورة مستحق لأن يكون ربا خالقًا لا إله إلا هو، كذلك قوله: {هُوَ الحَيُّ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ}، وإن جيء بالضمير بدل اسم الإشارة.

وأما قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنء تُرَابٍ} فإن المبتدأ وإن بني على الموصولة المشتملة على الصلوات المختلفة، لكن استغلاله في الدلالة على التميز ليس كاستغلالهما؛ لأنه من تتمة قوله: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}، ولذلك اكتفي بالضمير دون الاسم الجامع، ولم يؤت باسم الإشارة أو بما يقوم مقامه من الضمير لانبناء التوحيد عليه، لكن فيه اعتناء بدليل الأنفس لذكره أولًا مجملًا ثم مفصلًا ثانيًا، والله أعلم.

قوله: ({بِنَاءً})، عن بعضهم: ومنه يقال للنطع: البناء والمبنأة؛ لأنهم يتخذون منه أبنية. وفي الحديث: "طرح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بناء في يوم مطير"، أي: نطع. قوله: (لم يخلق حيوانًا أحسن صورة من الإنسان)، قال القاضي: أحسن صوركم بأن خلقكم منتصب القامة، بادي البشرة، متناسب الأعضاء والتخطيطات، متهيئًا لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات.

قوله: ({فَادْعُوهُ}: فاعبدوه)، وإنما فسر الدعاء بالعبادة؛ لأنه أمر يترتب على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015