. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفسرين والمحدثين، وقد ذكروا الحديث في تفسير الآية، غير أنهم لم يبينوا وجه التناسب، وهو يسير على من يسره الله، وهو أن الملائكة لما استقروا الأوضاع البشرية فلم يهتدوا إلى وجه الحكمة في تكريم آدم بسجودهم، نبأهم الله عما أيدوا به من الدرجات والكفارات، ثم قال: والأظهر أن نقول: الاختصاص في الآية غير ما في الحديث، وذلك أن ما في الآية هو تقاول الملائكة في أمر السجود، وقد أمر الله نبيه بأن يحتج على منكري نبوته بما أوحى إليه من قصة الملائكة وآدم؛ ليكون دليلًا على نبوته، أما الحديث فإنه إخبار عما كوشف به في المنام، ومما يدل على التغاير أن في الآية نفى عن النبي صلى الله عليه وسلم العلم باختصام الملائكة، وفي الحديث لم ينف هو عن نفسه علم الاختصام، وإنما نفى عنه علم ما كان الملائكة يختصمون فيه، مما يدل عليه أيضًا كشف الآية عن اختصام قد مضى، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن اختصام لم يمض، إذ قال له ربه: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ تنبيها على أن حال الاختصام باقيه. وأيضًا إن السورة مكية، والحديث يدل على أن الرؤيا أريها صلوات الله عليه بالمدينة.
أما الجواب عن قوله: "إن تقاول الملائكة في أمر السجود"، وقوله: "وأما الحديث فإنه إخبار عما كوشف بها في المنام"، فإن هذا مبني على أن قوله: {إذْ قَالَ رَبُّكَ} بدل من {إذْ يَخْتَصِمُونَ} وقد بينا ضعفه، على أن البدل فيه ما ينافي الخصومة وهو الفاء في {فَسَجَدَ} فإنها فصيحة، كأنه قيل: فسواه الله ونفخ فيه فسجد الملائكة، فآذنت بسرعة الامتثال وأنه عليه السلام كما وجد لم يتوقف سجودهم عن الوجود مدحًا لهم عليه بالإذعان لأمر الله، فلو توهم التوقف كان ذمًا لهم، كما ذم إبليس بقوله: {إلاَّ إبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ} فضلًا عن المقاولة في المأمور به، وأيضًا لو كان قوله: {إذْ قَالَ} بدلًا من {إذْ يَخْتَصِمُونَ} لكان الظاهر أن يقال: إذ قال ربي للملائكة؛ لقوله: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلأِ الأَعْلَى}، وليس المقام مما يقتضي الالتفات.
وعن قوله: "إن النفي في الآية غير النفي في الحديث؛ لأن نفي الاختصام غير، ونفي ما