قيل: فتن سليمان بعدما ملك عشرين سنه، وملك بعد الفتنة عشرين سنة. وكان من فتنته: أنه ولد له ابن، فقالت: الشياطين: إن عاش لم ننفك من السخرة، فسبيلنا أن نقتله أو نخبله، فعلم ذلك، فكان يغذوه في السحابة، فما راعه إلا أن ألقي على كرسيه ميتا، فتنبه على خطئه في أن لم يتوكل فيه على ربه، فاستغفر ربه وتاب إليه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقل: إن شاء الله، فطاف عليهن، فلم يحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذي نفسي بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون"، فلذلك قوله تعالى: {ولَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}. وهذا ونحوه مما لا بأس به. وأما ما يروى من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان، فالله أعلم بصحته؛ حكوا: أن سليمان بلغه خبر صيدون، وهي مدينة في بعض الجزائر، وأن بها ملكًا عظيم الشأن لا يقوى عليه لتحصنه بالبحر، فخرج إليه تحمله الريح، حتى أناخ بها بجنوده من الجن والإنس، فقتل ملكها وأصاب بنتًا له اسمها جرادة من أحسن الناس وجهًا، فاصطفاها لنفسه، وأسلمت، وأحبها، وكانت لا يرقأ دمعها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فما راعه)، أي: ما دخل في روعه، أي: قلبه، أي: ما شعر به، ومنه الحديث: "إن روح القدس نفث في روعي".

قوله: (قال سليمان: لأطوفن الليلة)، الحديث بتمامه أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة.

قوله: (فلم يحمل إلا امرأة)، صح " يحمل" بالياء التحتانية، أي: فلم يحمل شيء، كقوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الممتحنة: 11].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015