مسحها بيده استحسانًا لها وإعجابًا بها. فإن قلت: بم اتصل قوله: {رُدُّوهَا عَلَيَّ}؟ قلت: بمحذوف، تقديره: قال: ردوها علي، فأضمر وأضمر ما هو جواب له، كأن قائلًا قال: فماذا قال سليمان؟ لأنه موضع مقتض للسؤال اقتضاءً ظاهرًا؛ وهو اشتغال نبي من أنبياء الله بأمر الدنيا، حتى تفوته الصلاة عن وقتها. وقرئ: (بالسؤوق) بهمز الواو لضمتها، كما في أدؤر. ونظيره: الغؤور، في مصدر غارت الشمس. وأما من قرأ: (بالسؤق) فقد جعل الضمة في السين كأنها في الواو للتلاصق، كما قيل: مؤسى. ونظير ساق وسوق: أسد وأسد. وقرئ: (بالساق) اكتفاءً بالواحد عن الجميع؛ لأمن الإلباس.

[{ولَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} 34]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (مسحها بيده استحسانًا)، وفي "المعالم": هو قول ضعيف. وقال الزجاج: مسح أعناقها وسوقها بالماء بيده، وإنما قال ذلك قوم؛ لأن قتلها كان عندهم منكرًا، وليس ما يبيحه الله تعالى منكرًا.

قوله: (بمحذوف تقديره "قال")، يعني: متعلقة لفظة "قال"، وهي مع المقول جواب عن سؤال مقدر يقتضيه المقام؛ لأن اشتغال مثله من أنبياء الله بأمر الدنيا بعيد، فكأنه عليه السلام لما قال: {إنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} اتجه لسائل أن يقول: فماذا قال سليمان بعد هذا؟ فأجيب: قال {رُدُّوهَا عَلَيَّ} فأضمر القول وأضمر سؤال السائل. فقوله: "وأضمر ما هو جواب له"، معناه: أضمر في الكلام ما المحذوف جواب له.

قوله: (وأما من قرأ: "بالسؤق")، المطلع: وقرئ: "بالسؤوق" على "فعول"، بهمز الواو وبضمها، كما في: "أجوه" في: "وجوه"، ومنهم من يقرأ: "بالسؤق" مهموز، كما في: "مؤسى" بالهمز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015