قلت: ما هو إلا كلام من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة، من غير صنعة فيه ولا تكلف، إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك كما ينفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم ورسائلهم ومحاوراتهم أشياء موزونة لا يسميها أحد شعرًا، ولا يخطر ببال المتكلم ولا السامع أنها شعر، وإذا فتشت في كلام عن نحو ذلك وجدت الواقع في أوزن البحور غير عزيز، على أن الخليل ما كان يعد المشطور من الرجز شعرًا، ولما نفى أن يكون القرآن من جنس الشعر قال: {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُّبِينٌ} يعني: ما هوا إلا ذكر من الله تعالى يوعظ به الإنس والجن، كما قال: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [التكوير: 27]، وما هو إلا قرأن كتاب سماوي، يقرأ في المحاريب، ويتلى في المتعبدات، وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدارين، فكم بينه وبين الشعر الذي هو من همزات الشياطين؟ {لِيُنذِرَ} القرآن، أو الرسول،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن البخاري ومسلم عن جندب بن عبد الله قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه حجر فدميت أصبعه، فقال:
هل أنت إلا أصبع دميت .... وفي سبيل الله ما لقيت
قوله: (على السليقة)، الجوهري: هي الطبيعة يقال: فلان يتكلم بالسليقة، أي: بطبعه، لا عن تعلم وهي منسوبة.
قوله: (المشطور من الرجز)، عن بعضهم: المشطور: الذي أخذ شطره، وهو الذي ليس بمصرع، كقوله:
يا ليتني فيها جذع .... أخب فيها وأضع