. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالباء في قول المصنف: " وما علمناه بتعليم القرآن الشعر" للاستعانة، وذلك أن من يمارس الدواوين والأشعار ربما يستعين به على قرض الشعر. وإذا لم يكن القرآن من الشعر في شيء فكيف يستعان به عليه؟ وإليه الإشارة بقوله: فأين الوزن وأين التقفية، وأين المعاني وأين النظم وأين الأساليب؟
والغرض في ارتكاب هذه الكناية تطبيق هذا الرد على قولهم لرسول صلى الله عليه وسلم: إنه شاعر، وتلفيق قوله {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُّبِينٌ} بقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} فقوله: " وما ينبغي له" اعتراض لتقرير أنه ليس بشاعر، وقوله: {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُّبِينٌ} تقرير للمقدر.
وأورد أن هذا ليس من قبيل الكناية فضلًا عن أن يكون تلويحية لأنه انتقال من ملزوم واحد إلى اللازم، فيقال: لا ارتياب أن دلالة {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} على أن القرآن ليس بشعر، ودلالة ذلك على نقي الشاعر ليس من قبيل المفهوم الحقيقي، وهو نفي تعليم الشعر منه. ولا من قبيل المجاز عند مقتني صناعة البيان؛ لا من أنواع المفرد منه ولا المركب، أي: الاستعارة التمثلية أو الإسناد المجازي، فوجب المصير إلى الكناية باستعانة اقتضاء المقام كما سبق لما يلزم من نفي الشاعرية حينئذ نفي كون القرآن شعرًا ومن نفيه نفي تعليم الشعر بواسطة القرآن، فآذن الانتقال من قوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} أي: أن القرآن ليس بشعر، ومن ذلك إلى أنه صلوات الله عليه ليس بشاعر انتقال من اللازم إلى الملزوم بمرتبتين، ولا يعني بالتلويح الأبعد والانتقال؛ ألا ترى إلى ما أنشده صاحب"المفتاح" من قوله ابن هرمه:
لا أمتع العوذ بالفصال ولا .... أبتاع إلا قريبة الأجل
فإنه استعان بوساطة مقام المدح وتسلسل اللوازم على أنه مضياف، والله أعلم وأما البيان النظم فإن قوله {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ} الآية خاتمة لبيان