(أَرَأَيْتُمْ) وقرئ: (أريتم): بحذف الهمزة، وليس بحذف قياسي. ومعناه: أخبرونى من يقدر على هذا؟ والسرمد: الدائم المتصل، من السرد وهو المتابعة. ومنه قولهم في الأشهر الحرم: ثلاثةٌ سردٌ، وواحدٌ فردٌ، والميم مزيدة. ووزنه (فعمل). ونظيره. دلامصٌ؛ من الدلاص. فإن قلت: هلا قيل: بنهارٍ تتصرفون فيه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (وقُرِئَ: ((أريتم)) بحذفِ الهمزة)، الكسائي.

قولُه: (ومنهُ قولُهم في الأشهُرِ الحُرُم)، الجوهري: قيلَ لأعرابي: تعرفُ الأشهُرَ الحُرُم؟ قال: نعم، ثلاثةٌ سَرْدٌ وواحدٌ فَرْد؛ فالسردِ: ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم. والفرد: رجب.

قولُه: (دُلامِص؛ مِنَ الدّلاص)، الجوهري: الدّليصُ والدِّلاص: البَرّاق؛ يُقال: دِرعٌ دِلاص، وأدْرُعٌ دِلاص. والدّلامِص: البَرّاقُ والميمُ زائدة.

قولُه: (هلاّ قيل: بنهارٍ تتصرّفون فيه- أي: بدلَ قولِهِ: {بِضِيَاءٍ} - كما قيل: {بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ})، يريدُ أنّ الآيتينِ متقابِلتان؛ ففي الثانية جيءَ بقولِه: {بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} وهوَ مطابقٌ لسائرِ الآيات؛ فلِمَ عَدَلَ في الأولِ عن الظاهرِ إلى خلافِه؟ وأجابَ عنهُ أنهُ إنما وَضَعَ {بِضِيَاءٍ} مَوْضِعَ ((بنهار تتصرّفون فيه))، والضياءُ ضوءُ الشمس؛ لقولِهِ تعالى: {جَعَلَ الشَّمْسَ ضْيَاءً} [يونس: 5]، ليُؤذِنَ بأنّ منافعَ النهارِ ليستْ مقصورةً على التصرُّف؛ فإنّ منافِعَهُ متكاثرة، ولهذا لا يطّلِعُ عليهِ كلُّ أحد؛ كأنهُ قيل: أتيناكُمْ بضياءِ الشمس؛ ليتسهّلَ لكُمْ جميعُ ما تفتَقِرونَ إليهِ مِنَ التصرُّفِ في المعاشِ وغيره. ولهذا أتى بقولِه: {أَفَلاَ تَسْمَعُونَ} تتميمًا لهذا المعنى؛ لأنّ مُدرَكَ السّمْعِ أكثرُ مِنْ مُدرَكِ البصر، واستفادةُ العقلِ مِنَ السمعِ أَجَلُّ مِنَ استفادتِهِ مِنَ البصر، وبقولِه: {أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} تتميمًا لذلك؛ لأنّ أعظمَ فوائدِ الليلِ الهدوءُ فيهِ والسكون، ولهذا صرّحَ بهِ في الآية، وهوَ شيءٌ قليل؛ ولهذا يطّلِعُ عليهِ كلُّ أحد، والناسُ في إدراكِهِ بالبصرِ مستوون.

فإنْ قلتَ: فلِمَ لَمْ يقُل: بظلام؟ قلتُ: لأنهُ وإنْ لمْ يُوهِمْ أنّ فائدةَ الليلِ متكاثرة؛ إذْ كلُّ أحدٍ يعلمُ فائدتَه، لكنهُ مِمّا يكرَهُهُ الطبعُ ويتنفّرُ عنه، بخلافِ الضوء؛ فإنهُ نعمةٌ في ذاتِه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015