بَنِي أبيكَ غضاضةً ومَسَبّةً بعدي، لقُلتُها، ولأقرَرْتُ بها عَيْنَك عندَ الفِراق، لِما أرى من شِدَّةِ وَجَدِكَ ونصيحَتِك، ولكنِّي سَوفَ أموتُ على ملَّةِ الأشياخِ عبدِ المُطَّلِبِ وهاشِمٍ وعبدِ مَناف)).

[{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} 57]

قالت قريش- وقيل: إنّ القائِلَ الحارثُ بنِ نَوفَلٍ بنُ عبدِ مَناف-: نحنُ نعلمُ أنَّك على الحقِّ، ولكنّا نخافُ إِنِ اتَّبعناكَ وخالَفْنا العَرَبَ بذلك، وإنَّما نحنُ أَكَلَةُ رأسٍ، أي: قليلُون أن يتخطَّفُونا مِن أرضِنا، فألقَمَهُم الله الحَجَر. بأنّه مكَّنَ لهُم في الحَرَمِ الذي آمَنَهُ بحُرمةِ البيتِ وآمَنَ قُطّانَهُ بحُرمَتِه، وكانتِ العربُ في الجاهِليّةِ حولَهُم يتغاوَرُون ويتناحَرُون، وهُم آمِنُون في حَرَمِهِم لا يخافُون، وبِحُرمةِ البيتِ هُمْ قارُّونَ بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ، والثَّمَراتُ والأرزاقُ تُجبي إليهِم مِن كُلِّ أَوبٍ، فإذا خوَّلَهُم الله ما خوَّلَهُم مِنَ الأمنِ والرِّزقِ بحُرمةِ البيتِ وَحْدَها وهُم كفرةٌ عَبَدةُ أصنامٍ؛ فكيفَ يستقيمُ أن يُعرِّضَهم للتّخَوُّفِ والتَّخَطُّف، ويَسلُبَهمُ الأمنَ إذا ضَمُّوا إلى حُرمةِ البيتِ حُرمةَ الإسلامِ، وإسنادُ الأمنِ إلى أهلِ الحَرَم حقيقةٌ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخَوْف. وقالَ ثعلب: إنما هوَ بالخاءِ والراء.

قولُه: (غضاضة)، ذِلّةٌ ومَنقَصة.

قولُه: (أَكَلَةُ رأس، أي: قليلون)، يكفيهِمْ رأسٌ واحد، وهوَ جَمْعُ ((آكِل)).

قولُه: (أنْ يتخطّفونا مِنْ أرضِنا)، التخَطُّف: الانتزاعُ بسرعة.

قولُه: (فألقَمَهَم الله الحَجَرَ)، ألقَمَهُ الحَجَر: ألزَمَهُ الحَجّة؛ مِن: إلقامِ الأُمِّ الثدي.

قولُه: (يتغاورون)، الأساس: التغاور: التناحُر، وفلانٌ مغايرٌ ومغاور، ومغوارٌ مِنْ قومٍ مغاوير. والأَوْب: المرجع، كُلُّ أَوْب: كُلُّ وَجْه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015