الشَّجرةَ كانتْ نابتةً على الشاطِئ، كقولِه تعالى: {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِاَلرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ} [الزخرف: 33] وقُرئَ: {اَلْبُقْعَةِ} بالضَّمِّ والفتح. و {اَلرَّهْبِ} بفتحَتَيْن، وضمَّتَيْن، وفتح ٍ وسُكون، وضَمِّ وسكون: وهو الخوف. فإن قلتَ: ما معنى قولِه: {وَاَضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ اَلرَّهْبِ}؟ قلتُ: فيه معنَيان، أحدُهما: أنَّ موسى عليه السَّلامُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (كقولِه: {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِاَلرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ})، يعني: إبدالُ {مِنَ اَلشَّجَرَةِ} مِنْ قولِه: {مِن شَاطِئ اَلْوَادِ} بإعادةِ العاملِ بدلَ الاشتمالِ كإبدالِ {لبُيُوتِهِمْ} مِنْ قولِه: {لِمَن يَكْفُرُ بِاَلرَّحْمَانِ}.
قولُه: (وقُرِئَ: {اَلْبُقْعَةِ} بالضمِّ والفتح)، بالضمّ: سبعة، وبالفتح: شاذّة.
قولُه: (و {الرَّهْبِ} بفتحتَيْن، حفص: {اَلرَّهْبِ} بفتحِ الراءِ وإسكانِ الهاء، والحرميان وأبو عمرو: بفتحِهما، والباقون: بضمِّ الراءِ وإسكانِ الهاء.
الراغبك الرهب: مخافةٌ معَ تحرُّز.
قولُه: (ما معنى [قوله: ] {وَأضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ}؟ )، يعني: عَلّلَ الله تعالى قولَه: {وَلاَ تَخَفْ} بقولِه: {إِنَّكَ مِنَ الأَمِنِينَ} وعقّبَهُ بقولِه: {أسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} سدًّا يَعْضُدُ التعليل؛ فما موقعُ قولِه: {وَأضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ اَلرَّهْبِ}؟
وأجاب: أنّ موسى عليهِ السلامُ خافَ خوفًا شديدًا وأُزعِجَ إزعاجًا قويًّا، كأنهُ قبلَ التّوَلِّي ألقى العصا حينَ صارتْ حيّةً بيدِه؛ فلّما أرادَ الله أنْ يُؤَمِّنَ جَاشَهُ ويُزيلَ خَوْفَهُ بها ويَنْهاهُ عمّا صَدَرَ عنهُ مِنَ الاتِّقاءِ باليدِ لغضاضتِه، ويَمْنَحَه بَدَلَهُ مُعجِزةً أخرى؛ قالَ أوّلاً: {وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الأَمِنِينَ} إزالةً للخَوْف، وقالَ ثانيًا: {أسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} امتنانًا عليهِ بمَوْهِبةٍ أخرى؛ مزيدًا لانشراحِ صدرِه، وقالَ ثالثًا: {وَأضْمُمْ