ولا يُمارِي)) وقولُه: {سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللهُ مِنَ اَلْصَّالِحِينَ} يدلُّ على ذلك، يريدُ بالصّلاح: حسنَ المُعاملةِ ووَطاءةَ الخُلُقِ، ولينَ الجانِب. ويجوزُ أن يريدَ الصَّلاحَ على العُموم. ويَدْخُلُ تحتَه حسنُ المُعاملة، والمُراد باشتراطِ مشيئةِ الله فيما وَعَدَ من الصَّلاح: الاتّكالُ على توفيقِه فيهِ ومَعُونَتِه، لا أنّه يستعملُ الصَّلاحَ إن شاءَ الله، وإن شاءَ استعملَ خِلافَه. {ذَلِكَ} مُبتدأ، و {بَيْنِي وَبَيْنَكَ} خبرُه، وهو إشارةٌ إلى ما عاهَدَهُ عليه شُعَيب، يريد؛ ذلك الذي قلتُه وعاهدتَني فيه وشارطْتَنِي عليه قائمٌ بينَنا جميعًا، لا نَخْرُجُ كلانا عنه، لا أنا عمّا شرطتَ عليَّ ولا أنتَ عمّا شرطتَ على نفسِك. ثمّ قال: أيَّ أجلٍ قضيتُ من الأجَلَيْنِ: أطولَهما الذي هو العَشْر، أو أقصَرَهُما الذي هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال: أتيتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فجعلوا يُثنونَ ويذكروني؛ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أعلَمُكُم به)) فقلت: صدقتَ بأبي وأمي؛ كنتَ شريكي فنِعْمَ الشريك؛ كنتَ لا تُداري ولا تُماري. وفي روايةِ رزين: ((لا تُشاري)) بدلَ ((لا تُداري)). قالَ في ((الفائق)): المُماراة: المجادَلة، من: مَرْيِ الناقة؛ لأنُه يستخرجُ ما عندَهُ مِنَ الحُجّة. والمُداراة: المُخاتَلة، من: داراه؛ إذا خَتَلَه. ويكونُ تحقيقُ المداراةِ وهي مدافعةُ ذي الحقِّ عنْ حقِّه. والمشاراةُ: المُلاجّة.

قولُه: (لا أنّهُ يَستعمِلُ الصّلاح)، أي ليسَ معنى ((إنْ شاءَ الله)) التعليقَ كما هوَ على ظاهرِه؛ إنما هوَ التبرُّكُ واستنزالُ التوفيق. ونحوُهُ قولُ أصحابِ الشافعي: أنا مؤمِنٌ إنْ شاءَ الله.

قولُه: (قائمٌ بَيْنَنا)، خبرٌ لقولِه: ((ذلكَ الذي قُلْتُه))، أي: مُراعًى بَيْنَنا نتعاهدُهُ أنا وأنت؛ فيكونُ كالقائم، وهوَ على منوالِ قولِه: {اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلْصَّلَواةَ} [المائدة: 55، الأنفال: 3، النمل: 3، لقمان: 4] إذا أُريدَ بالإقامةِ التجلُّد؛ مِنْ قولِهم: قامَ بالأمر، وقامتْ الحربُ على ساقِها.

قولُه: (لا يخرُجُ كِلانا)، ويجوز: ((لا نخرُجُ)) بالنونِ على تأكيدِ ((كلانا)) للضمير؛ كقولِه: ((ويعلمُ سنلقاهُ كِلانا)) بالنونِ والياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015