أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ حَيًّا وهَلِكا ... أسِيرُ ثَقِيفٍ عِندهُم في السَّلاسلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

امتزجا معنًى كانَ معنى الامتزاجِ المعنويِّ على قدرِ امتزاجِ المعنى، والألفاظُ قوالبُ المعاني؛ فيُعتَبَرُ أمرُ المضافِ لِما أُضيفَ إليه.

وقلتُ: هذا إذا لَمْ يُنظَرْ إلى المقامِ، وأُجرِيَ التعريفُ في {اَلْقَوِيُّ اَلْأَمِينُ} على الجنس، وأما إذا جُعِلَ مرادًا بهِ موسى عليه السلامُ و {مَنِ اَسْتَئْجَرْتَ} على عمومِهِ، لأنّ {مَن} موصولةٌ أو موصوفة؛ كأنه قيل: إنّ خَيْرَ مَنِ استأجرتَهُ موسى، لم يَصِحّ ما قاله. ويؤيِّدُ الثاني استشهادُهُ بالبيت؛ فإنّ التعريفَ في ((الناس)) للجنسِ قطعًا، والمرادُ بالأسيرِ في ((أسير ثقيف)) خالدُ بنُ عبدِالله؛ فصحّ ما ذهبَ إليهِ المصنِّفُ مِنْ أَنّ {القَوِيَّ الأَمِينَ} هوَ الاسمُ وأنّ الاهتمامَ هوَ سَبَبُ تقديم الخبرِ وجعلِهِ اسمًا، أو هوَ مٍنْ القلبِ للمبالَغة. ولَمّا كانَ مُقتضى الحالِ- أي شيخوختُهُ وحياؤُهُما- هوَ الذي أوجَبَ قيِّمًا يهتمُّ بها مستأجرًا يستأجرونه لها؛ كانَ ذلكَ مطلوبًا لذاتِه، وكانتِ القوةُ والأمانةُ تابعتين لهُ تُعرَفُ بالذوق. أو يُقال: إنّ الفاصلةَ هيَ التي استدعتْ تأخيرَ {اَلْأَمِينُ}، و {اَلْأَمِينُ} استدعى مقارنةَ القويِّ معَه.

الانتصاف: هذا أجمَلُ في مدحِ النساءِ للرجالِ مِنَ المدحِ الخاصِّ وخصوصًا [إن كانت] فهمتْ أنّ أباها يزوِّجُها مِنه. وما أَحْسَنَ ما أَخَذَ الفاروقُ مِنْ هذا المعنى فقال: أشكو إلى الله ضَعفَ الأمينِ وخيانةَ القوي، ففي ضِمنِ هذه الشكاية سؤالُ الله أنْ يُتحِفَهُ بقويٍّ أمينٍ يستعينُ به.

قولُه: (ألا إنّ خيرَ الناس حيًّا وميتًا) البيت، قالَهُ أبو الشغبِ في خالِدِ بنِ عبدِ الله القسريِّ وهوَ أسيرٌ في يدِ يوسفَ بنِ عمر، بالغَ في العمومِ وهوَ مِنَ الإغراقِ المذموم. قالَ أبو البقاء: ((حَيًّا وميتًا)) يجوزُ أنْ يكونَ مِن ((خير)) ومِنَ الضمير فيه، والعاملُ ما دلً عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015