لم تعظ. من قرأ: (خَلْقُ الأوّلين) بالفتح، فمعناه: أنّ ما جئت به اختلاق الأوّلين وتخرّصهم، كما قالوا:
(أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ). أو: ما خلقنا هذا إلا خلق القرون الخالية، نحيا كما حيوا ونموت كما ماتوا، ولا بعث ولا حساب. ومن قرأ: (خُلُقُ) بضمتين، وبواحدة، فمعناه. ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم، كانوا يدينونه ويعتقدونه، ونحن بهم مقتدون. أو ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت الإعادة لم يزل عليها الناس في قديم الدهر أو ما هذا الذي جئت به من الكذب إلا عادة الأولين، كانوا يلفقون مثله ويسطرونه.
[(كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ* أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ* فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن الحاجب في الفصل بين "أو" و"أم"- في قولك: أزيدٌ عندك أو عمروٌ، وأزيدٌ عندك أم عمروٌ-: إنك في الأول لا تعلم كون أحدهما عنده، فأنت تسأل عنه، وفي الثاني تعلم أن أحدهما عنده إلا أنك لا تعلمه بعينه، فأنت تطالبه بالتعيين. وذكر كلاماً حاصله يؤول إلى أنهم استعملوا الهمزة و"ام" في معنى التسوية مجرداً من غير استفهام، نحو: سواءٌ على أقمت أم قعدت، واستعملوا الجملتين، والثانية معطوفةٌ بـ "أو" في معنى الحال، كقولك: أضرب زيداً قام أو قعد، ثم قال: فمثل ذلك يلتبس فيه موضع "أم" بموضع "أو"، وكثيراً ما ترى في كلام المتأخرين وأشعارهم لا يفرقون بينهما، وشرط استعمال "أم": أن تسبقها الهمزة، واستعمال "أو": أن لا تسبقها الهمزة.
قوله: (خلق الأولين)، بفتح الخاء وسكون اللام: ابن كثيرٍ وأبو عمروٍ والكسائي، وبضمهما: الباقون.