النعمة، فهو قادر على الثواب والعقاب، فاتقوه. ونحوه قوله تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) [آل عمران: 30]. فإن قلت: كيف قرن البنين بالأنعام؟ قلت: هم الذين يعينونهم على حفظها والقيام عليها.
[(قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ* إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ* وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ* فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)].
فإن قلت: لو قيل أَوَعَظْتَ أو لم تعظ، كان أخصر. والمعنى واحد. قلت: ليس المعنى بواحد وبينهما فرق، لأنّ المراد: سواء علينا أفعلت هذا الفعل الذي هو الوعظ، أم لم تكن أصلا من أهله ومباشريه، فهو أبلغ في قلة اعتدادهم بوعظه، من قولك: أم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ونحوه قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ})، يعني: ضم وصف القهارية مع وصف الرحمانية.
قوله: (كيف قرن البنين بالأنعام)، يعني: الجمع بينهما كالجمع بين البنين والأنعام، وأجاب: أنهم كانوا أصحاب مواشٍ، وجل اهتمامهم بشأنها، محتاجين إلى من يعينهم على حفظها فمن عليهم بالبنين لذلك، كما أن قوم نوح عليه السلام كانوا أرباب بساتين وسائر الأموال قيل لهم: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12].
قوله: (لأن المراد: سواءٌ علينا أفعلت هذا الفعل الذي هو الوعظ، أم لم تكن أصلًا من أهله)، يعني: أتوا في طرف الإثبات بالفعل الصريح الذي دل على حصوله منه مرةً، وفي النفي باسم الفاعل على الاستغراق، نفوا أن يكون من زمرة من حصل منهم هذا الفعل، واستهزأوا فيه، أي: سواءٌ علينا أجددت الوعظ أم استمررت على ما كنت عليه من الإمساك عنه والخمول فيه. واعلم أن في أكثر النسخ: "أو لم تعظ"، بحرف الترديد، والصواب "أم" كما هو في بعض النسخ.