[(قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ* قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ* فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ* إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)].

ليس هذا بإخبار بالتكذيب، لعلمه أن عالم الغيب والشهادة أعلم، ولكنه أراد أنى لا أدعوك عليهم لما غاظونى وآذوني، وإنما أدعوك لأجلك ولأجل دينك، ولأنهم كذبوني في وحيك ورسالتك، فاحكم (بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ). والفتاحة: الحكومة. والفتاح: الحاكم، لأنه يفتح المستغلق كما سمي فيصلا، لأنه يفصل بين الخصومات. الفلك: السفينة، وجمعه فلك: قال الله تعالى: (وتَرَى الفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) [فاطر: 12]؛ فالواحد بوزن قفل، والجمع بوزن أسد، كسروا فعلا على فعل، كما كسروا فعلا على فعل، لأنهما أخوان في قولك: العَرَب والعُرْب، والرَّشَد والرُّشْد. فقالوا: أَسَد وأُسْد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ليس هذا بإخبار بالتكذيب)، يعني قوله تعالى: {رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} وذلك أنما لما توعدوا بقولهم: {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} كان من حق الظاهر أن يقول: يا رب، إن قومي أوعدوني بأن يرجموني، لكن رفع حصة نفسه من البين، ورفع قصة ما يتعلق با لدين، وقال: يا رب، إني لا أدعوك عليهم لما أوعدوني بالرجم، وإنما أدعوك لأنهم كذبوني في وحيك، وإلى هذ المعنى أشار قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]، وما روينا عن البخاري ومسلم ومالكٍ وأبي داود، عن عائشة رضي الله تعالى عنها: ما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيءٍ قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم.

قوله: (لأنهما أخوان)، ذكر أبو علي في "القصريات" أن الضمة في "فعل" منزلةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015