أن يتغابى لهم نوح عليه السلام. فيفسر قولهم: الأرذلين، بما هو الرذالة عنده، من سوء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن يتغابى لهم نوحٌ عليه السلام)، النهاية: الغبي: القليل الفطنة، وقد غبي يغبى غباوةً، ومن حديث علي: تغاب عن كل ما لا يصح لك، أي: تغافل، وفي معناه أنشد صاحب "المفتاح":
أتت تشتكي عندي مزاولة القرى ... وقد رأت الضيفان ينحون منزلي
فقلت- كأني ما سمعت كلامها-: ... هم الضيف جدي في قراهم وعجلي
وعن بعضهم: التغابي من أخلاق الكرام، والتجاهل من أخلاق السفهاء، قال:
ليس الغبي بسيدٍ في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي
وفي الحديث: "عظموا أقداركم بالتغابي"، وذلك أنهم لما قالوا: {وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}، وعنوا الذين لا نسب لهم ولا نصيب من الدنيا، خيل لهم أنهم عنوا بالأراذل: من لا إخلاص له من العمل، ولم يؤمن عن نظرٍ وبصيرة، فأجابهم بقوله: {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي}، أي: ما علمي بإخلاص أعمال الأراذل، ولا لي اطلاعٌ على سرائرهم إن كان لهم عملٌ سيءٌ أو حسنٌ، فالله محاسبهم ومجازيهم عليه، كأنه أراهم أنه ما عرف من الأراذل والأنذال إلا ذلك، ونحوه سبق في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سأزيد على السبعين"، ثم جاءه بقوله: {لَوْ تَشْعُرُونَ} تتميماً لما خطأهم فيه، وإليه الإشارة بقوله: "وقصد بذلك رد اعتقادهم وإنكار أن يسمى المؤمن رذلاً وإن كان أفقر الناس وأوضعهم نسباً"، قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم