وقالوا: إذا دل ظاهر الحال على رضا المالك، قام ذلك مقام الإذن الصريح، وربما سمج الاستئذان وثقل، كمن قدم إليه طعامٌ فاستأذن صاحبه في الأكل منه. {جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} أي: مجتمعين أو متفرقين. نزلت في بني ليث بن عمرٍو من كنانة، كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده، فربما قد منتظراً نهاره إلى الليل، فإن لم يجد من يؤاكله أكل ضرورةً. وقيل: في قومٍ من الأنصار: إذا نزل بهم ضيفٌ لا يأكلون إلا مع ضيفهم. وقيل: تحرجوا عن الاجتماع على الطعام، لاختلاف الناس في الأكل وزيادة بعضهم على بعض. {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا} من هذه البيوت لتأكلوا فبدئوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم ديناً وقرابةً {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي: ثابتةً بأمره، مشروعةً من لدنه. أو: لأن التسليم والتحية طلب سلامةٍ وحياةٍ للمسلم عليه والمحيي من عند الله، ووصفها بالبركة والطيب، لأنها دعوة مؤمنٍ لمؤمن يرجى بها من الله زيادة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أكل ضرورةً)، تمسكاً بما روي: "شر الناس من أكل وحده، وضرب عبده، ومنع رفده". والوعيد إنما يتوجه لمن باشر الخصال الثلاث دون الإفراد بالأكل، كقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: 4] الآية. وعن بعضهم: في الآية دليلٌ على جواز المناهدة وهي المعاطاة والمناهضة، وهو أن يشتري أحدهم لحماً والآخر خبزاً. وإليه الإشارة بقوله: "وقالوا إذا دل ظاهر الحال على رضي المالك".

قوله: (أو: لأن التسليم والتحية طلب سلامة)، فعلى هذا {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} متعلقٌ بقوله: {تَحِيَّةً} صلةٌ لها، ومن ثم قال: "والمحيا من عند الله". وقال القاضي: فإنها طلبٌ للحياة، وهي من عنده. وعلى الأول كان ظرفاً مستقراً صفةً لتحية، ولهذا قال: "مشروعةً من لدنه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015