عن الحسن: أنه دخل داره وإذا حلقةٌ من أصدقائه وقد استلوا سلالاً من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم مكبون عليها يأكلون، فتهللت أسارير وجهه سروراً، وضحك، وقال: هكذا وجدناهم، هكذا وجدناهم. يريد كبراء الصحابة ومن لقيهم من البدريين. وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائبٌ فيسأل جاريته كيسه فيأخذ ما شاء، فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها سروراً بذلك. وعن جعفر بن محمد: من عظم حرمة الصديق أن جعله الله من الأنس والثقة والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والابن.

وعن ابن عباس: الصديق أكبر من الوالدين، إن الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمهات، فقالوا: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 100 - 101].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ... قطيناً لهم حتى إذا أنبت البقل

قوله: (فتهللت أسارير وجهه)، الجوهري: السرر: جمع أسرار الكف والجبهة، وهي خطوطها، وجمع الجمع أسارير.

قوله: (وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه)، وروى حجة الإسلام في "الأحياء": جاء فتحٌ الموصلي إلى منزل أخٍ له، وكان غائباً، فأمر أهله فأخرجت صندوقه ففتحه، وأخرج حاجته، فأخبرت الجارية مولاها فقال: إن صدقت فأنت حرةٌ لوجه الله تعالى، سروراً بما فعل.

قوله: (وطرح الحشمة)، أبو زيد: حشمت الرجل وأحشمته بمعنى، وهو أن يجلس إليك فتؤذيه وتغضبه. ابن الأعرابي: حشمته: أخجلته، والاسم الحشمة، وهو الاستحياء، والغضب أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015