خاصةً. فإن قلت: بم ارتفع {بَعْضُكُمْ}؟ قلت: بالابتداء، وخبره {عَلَى بَعْضٍ}، على معنى: طائفٌ على بعض، وحذف، لأن {طَوَّافُونَ} يدل عليه. ويجوز أن يرتفع بـ "يطوف" مضمراً لتلك الدلالة.

[{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَاذِنُوا كَمَا اسْتَاذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 56].

{الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ} أي: من الأحرار دون المماليك. {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: يريد:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجاء قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} مقرراً لذلك بالمفهوم صح واستقام وحصل أيضاً الطرد والعكس، وإليه أشار بقوله: "وكان كلاماً مقرراً للأمر بالاستئذان"، وأما إذا وصف المبدل بقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} ولا ارتياب أن الصفة المخصصة مبينةٌ للمراد من الموصوف، فيكون المقصود من إجراء الكلام رفع الحرج من الدخول في غير الأوقات المذكورة، لا الأمر بالاستئذان في الأوقات المخصوصة، لأن البدل هو المقصود بالذكر، وكان خلفاً من القول، لأن المقصود الأولى: الاستئذان في الأوقات المخصوصة، ورفع الحرج في غير الأوقات تابعٌ له، لقول عمر رضي الله عنه: لوددت أن الله عز وجل نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا هذه الساعات إلا بإذن، ثم انطلق معه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أنزلت عليه هذه الآيات، فظهر من هذا أن تأسيس صاحب "التقريب" كلامه على قوله: "أن حكم رفع الحرج مقصودٌ في نفسه" ضعيفٌ، وبناءه عليه الوجوه واهٍ. والله أعلم.

قوله: ({الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ} أي: من الأحرار دون المماليك)، يريد {مِنْكُمُ} للبيان، فإن الأطفال يشمل الأحرار والمماليك فبين بقوله: {مِنْكُمُ} ليختص بالأحرار، يدل عليه قوله تعالى: {لِيَسْتَاذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} ويحتمل أن تكون اتصاليةً، قال القاضي: واستدل به من أوجب الاستئذان للعبد البالغ على سيدته، وجوابه: أن المراد بهم: المعهودون الذين جعلوا قسيماً للمماليك فلا يندرجون فيهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015