خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 55].
الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولمن معه. و {مِنْكُمْ}: للبيان، كالتي في آخر سورة الفتح. وعدهم الله أن ينصر الإسلام على الكفر، ويورثهم الأرض، ويجعلهم فيها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (و {مِنْكُمْ}: للبيان، كالتي في آخر سورة الفتح)، يعني: في قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29]. وقلت: الظاهر أن الخطاب عامٌ، و"من" للتبعيض كما مر في قوله تعالى: {لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} [المائدة: 73] في أحد وجهيه، نص عليه في موضعه، وذلك أن قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} إلى آخر قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وسطٌ بين المعطوف وهو قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} والمعطوف عليه وهو قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} على ما قدره كالاعتراض لما سبق أن أصل الكلام: قل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تخف معرتهم، فينبغي أن يجري الكل على سننٍ واحد، وأن يقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن تعرضوا عن طاعتهما فقد عرضتم نفوسكم لسخط الله تعالى، وإن أطعتموهما تهتدوا. ثم بين ما للمهتدين منهم بقوله: {وَعَدَ اللَّهُ} إلى آخره، أي: أحرزتم نصيبكم في الدنيا والعقبى، أما في الدنيا فإن الله وعد الذين آمنوا منكم، أي: الذين اعتصموا بحبل الله والتزموا صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاستخلاف في الأرض، وتمكين الدين وإبدال الخوف بالأمن. وأما في العقبى فإن من عمل الصالحات من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول، فإن الله سوف يرحمه رحمةً مطلقةً لا يكتنه كنهها ولا يقادر قدرها، ولهذه الفائدة أخر المعطوف عن المعطوف عليه.
فإن قلت: هل في توسيط {مِنْكُمْ} بين {آَمَنُوا} {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} هنا، وفي تأخيره عنهما في الفتح من فائدة؟ قلت- والعلم عند الله-: التأخير دل على أن وعد الله تعالى بالمغفرة والأجر العظيم مسببان عن أيمانهم المقارن بالأعمال الصالحات معاً، لأن الاتصاف