ولا يرتاب، كطاعة الخلص من المؤمنين الذين طابق باطن أمرهم ظاهره، لا أيمانٌ تقسمون بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها. أو: طاعتكم طاعةٌ معروفة بأنها بالقول دون الفعل. أو طاعةٌ معروفة أمثل وأولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة.
وقرأ اليزيدي: (طاعةً معروفةً) بالنصب على معنى: أطيعوا طاعةً {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ} يعلم ما في ضمائركم ولا يخفى عليه شيءٌ من سرائركم، وإنه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على نفاقكم.
[{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} 54].
صرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات، وهو أبلغ في تبكيتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بما لا تصدقون فيه، وفي الكلام دليلٌ عليه، لأنه قال: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ} والله عز وجل من وراء ما في قلوبهم، فقال: {قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وقال: ويجوز: "طاعةً معروفةً" على معنى: أطيعوا طاعةً معروفةً، لأنهم أقسموا إذا أمروا أن يطيعوا، فقيل: أطيعوا طاعةً معروفةً، ولا أعلم أحداً قرأ بها، فإن لم ترو فلا تقرأ.
قوله: (صرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب)، قال صاحب "التقريب": عدل عن الغيبة في {أَقْسَمُوا} إلى الخطاب في {تَوَلَّوْا}، يريد أن قوله: فإن تولوا ليس من تتمة كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - المأمور به أن يبلغ إليهم من قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، بل هو تعقيبٌ لأمر الله رسوله ومتصلٌ بما قبله. المعنى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم قل كذا وكذا، فإن تولوا أيها المخاطبون فإن عليه ما حمل وعليكم ما حملتم. والظاهر أنه تعالى أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يقول لهم: وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تخاف مضرتهم، فكأن أصل الكلام: قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن تولوا فإنما عليك ما حملت، وعليهم ما حملوا، بمعنى: