والممدود بمعنى العلو والارتفاع، من قولك: سني، للمرتفع، و (يذهب بالأبصار) على زيادة الباء، كقوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ} [البقرة: 195]، عن أبي جعفر المدني. وهذا من تعديد الدلائل على ربوبيته وظهور أمره، حيث ذكر تسبيح من في السماوات والأرض وكل ما يطير بين السماء والأرض، ودعاءهم له، وابتهالهم إليه، وأنه سخر السحاب التسخير الذي وصفه وما يحدث فيه من أفعاله حتى ينزل المطر منه، وأنه يقسم رحمته بين خلقه ويقبضها ويبسطها على ما تقتضيه حكمته، ويريهم البرق في السحاب الذي يكاد يخطف أبصارهم، ليعتبروا ويحذروا، ويعاقب بين الليل والنهار، ويخالف بينهما بالطول والقصر، وما هذه إلا براهين في غاية الوضوح على وجوده وثباته، ودلائل مناديةٌ على صفاته، لمن نظر وفكر وتبصر وتدبر. فإن قلت: متى رأى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويجوز أن يكون الممدود للمبالغة في قوة ضوئه وصفائه، كقولك: هذا ضوءٌ كريم، أي: هو في غاية قوته وإنارته، فلو كان إنساناً لكان كريماً شريفاً.
قوله: (على زيادة الباء)، قال الزجاج: لم يقرأ بها غير أبي جعفرٍ المدني، ووجهها في العربية ضعيفٌ، لأن العرب تقول: ذهبت به وأذهبته. والمصنف ذهب إلى أنها للتأكيد، وقد نقلنا في سورة المؤمنين عن الحريري جواز الجمع بين حرفي التعدية، وعليه قراءة من قرأ: "تنبت بالدهن"، بضم التاء.
قوله: (وهذا من تعديد الدلائل على ربوبيته)، هذا إشارةٌ إلى المذكور من ابتداء قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ}، وتلك الدلائل تسبيح من في السموات وتسبيح الطير، ودعاؤهم، وتسخير السحاب، وقسمة رحمته بين خلقه يصيب به من يشاء، ويصرفه عمن يشاء، وإراءته وسناه بحيث يخطف أبصارهم، وتقليبه الليل والنهار بالطول والقصر.
قوله: (وما هذه إلا براهين في غاية الوضوح على وجوده [وثباته]، ودلائل مناديةٌ على صفاته)، يعني: وجود هذه الأشياء يدل على وجود مبدعها وخالقها، لأن الممكن لابد له