بعضهم (بقيعاةٍ) بتاءٍ مدورة، كرجلٍ عزهاة. شبه ما يعمله من لا يعتقد الإيمان ولا يتبع الحق من الأعمال الصالحة التي يحسبها تنفعه عند الله وتنجيه من عذابه ثم يخيب في العاقبة أمله ويلقى خلاف ما قدر، بسرابٍ يراه الكافر بالساهرة وقد غلبه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[مسلمة] يقرأ: كسراب بقيعاة، بالألف والهاء بعدها، نحو: فعلٍ وفعلاة، كرجل عزهٍ وعزهاة: الذي لا يقرب النساء واللهو.

قوله: (بسراب يراه الكافر)، متعلقٌ بقوله: "شبه ما يعمله"، يعني: شبه الأعمال الصالحة ممن لا إيمان له، وهو يحسب أنها تنفعه ثم يخيب في العاقبة، بسرابٍ يراه الكافر، إلى آخره. إنما قيد المشبه به برؤية الكافر وجعل أحواله ما يلقاه يوم القيامة، ولم يجعلها مطلقاً، لأنه تعالى قيده بقوله: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ}، لأنه من تتمة أحوال المشبه به، وهذا الأسلوب أبلغ، لأن خيبة الكافر أدخل، وحصوله على أمرٍ خلاف ما يأمله أعرق، ونحوه في التشبيه قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [آل عمران: 117]، فإن الكافرين الظالمين هم الذين يذهب حرثهم بالكلية، بخلاف مطلق الحرث، كذلك هاهنا. وما أدلة من قاطع على بطلان مذهب الفلاسفة، ومن يريد الهداية من غير المتابعة، فإنه يتوهم أن ما هو عليه من متابعة الوهم هو الحق البحت، فإذا تبين له في الخاتمة بطلانه، ووجد الله عنده، يعرف حينئذٍ: أفرسٌ تحته أم حمار؟ وقد غلب على مقتني يعلم المعقول الذين أضلهم الوهم المعلول الانتباه في آخر عهدهم، والتبري عنه في خاتمة أمرهم لما عرفوا أنه كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً.

الراغب: الحسبان: أن يحكم لأحد نقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله فيحسبه، ويعقد ع ليه الأصبع، ويكون بمعرض أن يعتريه فيه شكٌ، ويقارب ذلك الظن، لكن الظن أن يخطر النقيضين بباله فيغلب أحدهما على الآخر.

قوله: (بالساهرة)، الجوهري: يقال: الساهور: ظل الساهرة، وهي وجه الأرض، ومنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015