و {رِجَالٌ}: مرفوعٌ بما دل عليه {يُسَبِّحُ}، وهو يسبح له، و: (تسبح) بالتاء وكسر الباء. وعن أبي جعفر بالتاء وفتح الباء، ووجهها: أن يسند إلى أوقات الغدو والآصال على زيادة الباء، وتجعل الأوقات مسبحة، والمراد ربها، كصيد عليه يومان، والمراد وحشهما. والآصال: جمع أصل، وهو العشي. والمعنى: بأوقات الغدو، أي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيها: أن تجعل اللام في {لَهُ} مزيدةً ويسند الفعل إلى الله تعالى بالحقيقة، فالتقديم حينئذٍ في الظرفين على ما سبق، اعتباران: اعتبار الإسناد الحقيقي، وتقديم ظرف المكان على الزمان.
وثالثهما: أن تجعل "في" في {فِيهَا} مزيدةً ويسند الفعل إلى ضمير البيوت على المجازي، وفي ذلك أن المسبحين لشدة عنايتهم بالعكوف في بيوت الله وملازمتهم لها للذكر فيها، واختصاص الصلاة بها كما قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ}، كأن البيوت مسبحةٌ، والمراد ربها، واللام في {لَهُ} بمعنى: لأجل، وتقديمه على ما سبق لمزيد الاختصاص، وأن إكرام الديار لساكنها، فالاعتبارات ثلاثة. والله تعالى أعلم.
قوله: (و {رِجَالٌ}: مرفوعٌ بما دل عليه {يُسَبِّحُ}، قال الزجاج: المعنى على أنه لما قال: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا} قيل: من يسبح؟ فقيل: يسبح له رجال.
قوله: (كصيد عليه يومان)، قيل: الضمير للفرس، وقيل: للمركوب، واليومان: مصيدٌ فيهما، والأوقات مسبحٌ فيها، فهو من قبيل الاتساع في الظروف، كقوله:
ويومٍ شهدناه سليماً وعامراً
قوله: (والمعنى: بأوقات الغدو)، قال القاضي: و"الغدو" مصدرٌ أطلق للوقت، ولذلك حسن اقترانه بـ "الآصال".