شرقية وغربية. ثم وصف الزيت بالصفاء والوبيص، وأنه لتلألؤه {يَكَادُ} يضيء من غير نار. {نُورٌ عَلَى نُورٍ} أي: هذا الذي شبهت به الحق نورٌ متضاعفٌ قد تناصر فيه المشكاة والزجاجة والمصباح والزيت، حتى لم يبق مما يقوي النور ويزيده إشراقاً ويمده بإضاءةٍ بقيةٌ، وذلك أن المصباح إذا كان في مكانٍ متضايق- كالمكشاة- كان أضوأ له وأجمع لنوره، بخلاف المكان الواسع، فإن الضوء ينبث فيه، وينتشر، والقنديل أعون شيءٍ على زيادة الإنارة، وكذلك الزيت وصفاؤه. {يَهْدِي اللَّهُ} لهذا النور الثاقب {مَنْ يَشَاءُ} من عباده، أي: يوفق لإصابة الحق من نظر وتدبر بعين عقله والإنصاف من نفسه، ولم يذهب عن الجادة الموصلة إليه يميناً وشمالاً. ومن لم يتدبر فهو كالأعمى الذي سواءٌ عليه جنح الليل الدامس، وضحوة النهار الشامس. وعن علي رضي الله عنه: (النور نور السماوات والأرض)، أي: نشر فيها الحق وبثه فأضاءت بنوره، أو: نور قلوب أهلها به. وعن أبي بن كعب: (مثل نور من آمن به). وقرئ: {زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ} بالفتح والكسر، و {دُرِّيٌّ} منسوبٌ إلى الدر، أي: أبيض متلألئ. و (دُرِّيّءٌ) بوزن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: {زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ} بالفتح والكسر)، قال بان جني: قرأ نصر بن عاصم بفتح الزاي فيهما، وفيها ثلاث لغاتٍ: بالفتح والضم والكسر.
قوله: (و {دُرِّيٌّ})، أبو عمرو والكسائي: بكسر الدال والمد والهمزة، وأبو بكرٍ وحمزة: بضم الدال والهمز، والباقون: بضم الدال وتشديد الياء من غير همز. قال ابن جني: قرأ قتادة والضحاك: "دري" مخففةً، وسعيد بن مسيبٍ وغيره: "دُرِّيّء" مفتوحة الدال مشددة الراء مهموزةً، وهذه الأخيرة قراءةٌ غريبةٌ، وذلك أن "فعيلاً" بالفتح وتشديد العين عزيزٌ، وإنما حكى منه السكينة، بفتح السين وتشديد الكاف، حكاها أبو زيد.
وقال الزجاج: والنحويون أجمعون لا يعرفون الوجه في "دُرِّيّء"، لأنه ليس في كلام