. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطاهرة صلوات الله على صاحبها بالشجرة لكونها ثابتةً من أرض الدين، متشعبةً فروعها إلى سماء الإيمان، متدليةً أثمارها إلى فضاء الإخلاص والإحسان، وذلك لاستقامتها بمقتضى قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112] غير مائلةٍ إلى طرفي الإفراط والتفريط، ألا ترى إلى قول الحسن: جعل الله الدين بين لاءين ولا تطغوا ولا تركنوا، وذلك معنى قوله تعالى: {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ}. ويشبه ما محض من تلك الثمرات بعد التصفية التامة للتهيئة، وقبول تلك الأنوار بالزيت الصافي، لوفور قوة استعدادها للاستضاءة، وهي الدهنية القابلة للاشتعال، ومن ثم خصت شجرة الزيتون لأن لب ثمرتها الزيت الذي تشتعل به المصابيح، وخص هذا الدهن لمزيد إشراقه مع قلة الدخان، يكاد زيت استعداه صلوات الله وسلامه عليه، لصفائه وذكائه، يضيء ولو لم يمسه نور القرآن. روى محيي السنة، عن محمد بن كعبٍ القرظي: تكاد محاسن محمدٍ صلوات الله عليه تظهر للناس من قبل أن أوحي إليه. قال ابن رواحة:

لو لم تكن فيه آياتٌ مبينةٌ ... كانت بداهته تنبيك عن خبر

وفيه: أن قلبه المطهر يشرق من نور القرآن، ومشكاة صدره تهدي الناس إلى السبيل السوي بواسطة استقامة نفسه الزكية على الصراط المستقيم وتهيئتها لقبول تلك الأنوار، وفيه مسحةٌ من معنى قوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16]، وفي "حقائق السلمي": مثل نوره في [قلب] عبده المخلص [كمشكاة]، والمشكاة: القلب، والمصباح: النور الذي قذف فيه، والمعرفة تضيء في قلب العارف بنور التوفيق في مصباح النور، توقد من شجرةٍ مباركةٍ تضيء على شخص مبارك تتبين أنوار باطنه على آداب ظاهره، وحسن معاملته، زيتونةٍ لا شرقية ولا غربية، جوهرةٍ صافيةٍ لا لها حظٌ في الدنيا ولا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015