. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولهذا المعنى سماه الله تعالى سراجاً في قوله تعالى: {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 46]، أي: سراجاً يستضاء به في ظلمات الجهالة ويقتبس من نوره أنوار البصائر، وشبه نفس القرآن بالشجرة المباركة لثبات أصلها، وتشعب فروعها، وتأديها إلى ثمراتٍ لا نهاية لها. قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 24 - 25] الآية. وروى محيي السنة عن الحسن وابن زيد: الشجرة المباركة شجرة الوحي، {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ}: تكاد حجة القرآن تتضح وإن لم يقرأ وقيل: هي شجرة النبوة. وقال صاحب "إنسان العين": الشجرة: القرآن لا كذبٌ ولا هزء، يكاد يطرب السامع نظمه قبل فهمه، وشبه ما يستمده نور قلبه صلوات الله عليه وسلامه من القرآن وابتداء تقويه منه بالزيت الصافي، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52]، فكما جعله سبب توقده منه في قوله: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} جعل ضوءه مستفاداً من انعكاس نور اللطيفة إليه في قوله: {وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}، والمعنى ما ذكر في "إنسان العين": يكاد سر القرآن يظهر للخلق قبل دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - به، وفيه مسحةٌ من معنى قوله:
رق الزجاج ورقت الخمر ... فتشابها وتشاكل الأمر
فكانها خمرٌ ولا قدحٌ ... وكأنها قدحٌ ولا خمر
ومنه وصفت بكونها لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ، قال الحسن: ليست هذه من أشجار الدنيا، ولو كانت في الدنيا لكانت شرقيةً أو غربيةً، وإنما هو مثلٌ ضربه الله لنوره. رواه محيي السنة. أو نأخذ في مشرع آخر، وهو أن يشبه القرآن بالمصباح على ما سبق، ونفسه الزكية