كما جاء: "بمنتزاح".

فإن قلت: هلا قيل: وما تضرعوا. أو: فما يستكينون؟ قلت: لأنّ المعنى: محناهم فما وجدت منهم عقيب المحنة استكانة. وما من عادة هؤلاء أن يستكينوا ويتضرعوا حتى يفتح عليهم باب العذاب الشديد. وقرئ: (فتحنا).

] (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (80))]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واستقر، وعلا واستعلى، وحال واستحال. وسُئلت: لم لا تجعله - على هذا- من استفعل للمبالغة، استحسر واستعصم. فقلتُ: المعنى: يأباه؛ لأن المقصود وصفهم بغاية القسوة، فلو جعلتها للمبالغة لم يُفد ذلك؛ لأن نفي الأدنى أبلغ من نفي الأعلى، فيكون ذماً بأنهم ما بلغوا في الضراعة نهايتها، وهم لم يتلمظوا بشيء منها، فكيف ينفي عنهم نهايتها؟

وقال صاحب "الإنصاف": له محملٌ صحيحٌ، وهو التنبيه على أن ذلك العذاب مقتض لغاية الاستكانة، وقد ورد هذا السؤال في قوله: (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) [الأنبياء: 19]، وهي للمبالغة، وأجاب الزمخشري رحمه الله تعالى بما ذكرته.

قوله: (كما جاء: "بمُنْتَزَاح")، الجوهري: أنت بمنتزحٍ من كذا، أي: ببعدٍ منه. قال ابن هرمة يرثي ابنه:

فأنت من الغوائل حين تُرمى ... ومن ذم الرجال بمنتزاح

إلا أنه أشبع فتحة الزاي، فتولدت الألفُ.

قوله: (هلا قيل: وما تضرعوا، أو: فما يستكينون؟ )، أي: لمَ لمْ تُراع الموافقةُ بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015