ما نفي عن الكفار للمؤمنين. وقرئ: (يسرعون في الخيرات) (لَها سابِقُونَ) أى فاعلون السبق لأجلها أو سابقون الناس لأجلها. أو إياها سابقون، أي: ينالونها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا القسم، وعليه قول عبيد بن عمير لعائشة رضي الله عنها: الذي يأتون ما أتوا أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها، وإنما يكون كذلك إذا دلت على الرجاء التام، وأن المراد منهم العاصون، ويكون مجيء قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) كالفذلكة لما للفرق الثلاث من الفضل والكرامة والخير على وزان قوله تعالى في فاطر: (ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) [فاطر: 32 - 33] بعد ذكر الفرق الثلاث.

وقوله: (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ)، كالتذييل لاستيعاب الأعمال كلها، واستيفاء جزائها، على منوال قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه) [الزلزلة: 7 - 8]، ولهذا نفى الظلم بقوله: (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) هذا على تقدير قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما على قراءة العامة فالآيات تنزيلٌ على قسم المقتصد، ويُفهم الظالم لنفسه من مفهوم قوله تعالى: (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ) كما نزلها المصنفُ على السابق: (وَلَدَيْنَا كِتَابٌ) على المقتصد في قوله: "ولدينا كتابٌ فيه عملُ السابق والمقتصد، ولا نظلمُ أحداً من عمله، ولا نحطه دون درجته".

وأقول: عملُ الظالم لنفسه أيضاً؛ لأن الكتاب جامعٌ للأعمال كلها وثوابها وإن كان مثقال ذرة، وإخراجُ البعض تحكم. وهو أيضاً للتخلص من ذكر الفرق الثلاث إلى ذكر المعاندة من هذه الأمة؛ ولهذا قال: (بَلْ قُلُوبُهُمْ) أي: قلوبُ المعاندة، ثم أخذ في وصفهم إلى أن ختم السورة، فبدأ بالعالي، وختم بالعالي، وافتتح بقد أفلح المؤمنون، واختتم بلا يُفلحُ الكافرون. والله يقولُ الحق وهو يهدي السبيل.

قوله: (أو: إياها سابقون)، فعلى هذا اللام لضعف عمل اسم الفاعل، نحو: ضاربٌ لزيد. وعلى الأول: اللامُ بمعنى: لأجل، و"السابقون": إما مُجرى مجرى اللازم، فلا يُقدرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015