عنف. وقيل له: قد قام فلان وفلان، فمن أنت حتى تترفع عن القيام؟ فإن قلت: فكيف صحّ استثناؤه وهو جنى عن الملائكة؟ قلت: عمل على حكم التغليب في إطلاق اسم الملائكة عليهم وعليه، فأخرج الاستثناء على ذلك، كقولك: خرجوا إلا فلانة، لامرأة بين الرجال (أَبى) جملة مستأنفة، كأنه جواب قائل قال: لم لم يسجد. والوجه أن لا يقدّر له مفعول، وهو السجود المدلول عليه بقوله (فَسَجَدُوا) وأن يكون معناه أظهر الإباء وتوقف وتثبط.
(فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) [طه: 117].
(فَلا يُخْرِجَنَّكُما) فلا يكونن سببا لإخراجكما. وإنما أسند إلى آدم وحده فعل الشقاء دون حوّاء بعد إشراكهما في الخروج، لأنّ في ضمن شقاء الرجل وهو قيم أهله وأميرهم شقاءهم، كما أنّ في ضمن سعادته سعادتهم، فاختصر الكلام بإسناده إليه دونها. مع المحافظة على الفاصلة. أو أريد بالشقاء التعب في طلب القوت، وذلك معصوب برأس الرجل وهو راجع إليه. وروى أنه أهبط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق من جبينه.
(إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) [طه: 118 - 119].
قرئ: (وَأَنَّكَ) بالكسر والفتح. ووجه الفتح العطف على (أَلَّا تَجُوعَ). فإن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وذلك معصوبٌ برأس الرجل)، أي: موكلٌ إليه. الأساس: الأمورُ تعصبُ برأسه. النهاية: سموا السيد المُطاع معصباً؛ لأنه تعصبُ به أمورُ الناس، أي: تُردُّ إليه وترادُ به. قال عتبةُ بن ربيعة: ارجعوا ولا تقاتلوا واعصبوها برأسي، يريد السبة التي تلحقهم بترك الحرب. أي: انسبوها إلي وإن كانت ذميمةً.
قوله: (قرئ: (وَأَنَّكَ) بالكسر والفتح)، بالكسر: ابنُ كثير، وبالفتح: الباقون،