جبريل ما يوحى إليك من القرآن، فتأنّ عليك ريثما يسمعك ويفهمك، ثم أقبل عليه بالتحفظ بعد ذلك، ولا تكن قراءتك مساوقة لقراءته. ونحوه قوله تعالى (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)] القيامة: 16 [،

وقيل معناه: لا تبلغ ما كان منه مجملا حتى يأتيك البيان. وقرئ: (حتى تقضى إليك وحيه). وقوله تعالى (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) متضمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حين نُبهت على عظمةِ جلالة المنزل وأُرشدت إلى فخامة المنزل، فعظم جناب الملك الحق المتصرف في المُلك والملكوت وأقبل بشراشرك في تحفظ ألفاظ كتابه وتحقق مبانيه، وإذا وعيت فادعُ الله لاستزادة العلم لتدبر حقائقه ومعانيه، وقد سبق وجه نظمه مع قوله: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا).

قوله: (ريثما يُسمعك)، الأساس: ما ريثك وما بطأ بك؟ وما قعدتُ لفلانٍ إلا ريثما قال كذا، النهاية: وفي الحديث: "فلم يلبث إلا ريثما"، قلت: أي: إلا قدر ذلك، وقد يُستعملُ بغير (ما)، والمعنى: ارفق على نفسك قدر ما يُسمعُك.

قوله: (مساوقةً لقراءته)، الأساس: فلانٌ في ساقة العسكر: في آخره، جمعُ سائق، وهو يساوقه، وتساوقت الإبل: تتابعت، وهو يسوق الحديث، النهاية: المساوقة: المتابعة. أن بعضها يسوق بعضا.

قوله: (لا تبلغ ما كان منه مجملاً) إلى آخره. هذا منتقض بنزول (مِنْ الْفَجْرِ) بياناً لقوله: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) [البقرة: 187]، لأنه صلى الله عليه وسلم بُلغه قبل نزول (مِنْ الْفَجْرِ)، وكذا قوله تعالى: (غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ) [النساء: 95]، نزل بعد تبليغه (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ)، ولضعف هذا الوجه ذكر لفظ (قبل).

قوله: (وقرئ: "حتى نقضي")، قال محيي السنة: قرأ يعقوبُ: "نقضي"، بالنون وفتحها وكسر الضاد وفتح الياء، "وحيهُ" بالنصبِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015