يوفيه له، كصفة المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويسترجحون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. أى: فلا يخاف جزاء ظلم ولا هضم، لأنه لم يظلم ولم يهضم. وقرئ: (فلا يخف) على النهى.
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) [طه: 113].
(وَكَذلِكَ) عطف على (كَذلِكَ نَقُصُّ)] طه: 99 [أى: ومثل ذلك الإنزال، وكما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "فلا يخف")، على النهي: ابن كثير، والباقون: (يَخَافُ) بالرفع، وهذه القراءة توافق ما يُقابله منهما - وهو قوله: (وَقَدْ خَابَ) - من حيث الإخبار، وأبلغُ من القراءة الأولى من حيث الاستمرار، والأولى أبلغ لأنها لا تحتمل التردد في الإخبار، قال الواحدي: "فلا يخف": فليأمن لأنه لم يُفرط فيما وجب عليه، ونهيه عن الخوف أمرٌ بالأمن.
قوله: (وَكَذَلِكَ): عطفٌ على (كَذَلِكَ نَقُصُّ))، إشارةٌ إلى بيان النظم، وأن التكرير للترديد والترجيع إلى ما هو مهتمٌ بشأنه وما سيق الكلام لأجله، ذكره هناك وعلق به مدح القرآن، ومن أقبل عليه ومن أعرض عنه، وأشار إلى أن المقبل مربح مفلح والمعرض خاسرٌ دامر. واستمر على وعيد المعرض ووعد المقبل إلى أن عاد إلى ما له سوق الكلام وهو مدح القرآن، فحرض على التمسك به واستعمال التؤدة والرفق في أخذه، وعهد على العزيمة بأمره وترك النسيان فيه، وضرب حديث آدم مثلاً للنسيان وترك العزيمة. واستوفى حقه، ثم رجع إلى ما هو المقصد في الإيراد حيث قال: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) [طه: 124] إلى أن قال: (كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا)، وأنت إذا تأملت حديث موسى عليه السالم بطوله وجدته متمماً لحديث القرآن وما افتتح به السورة من قوله تعالى: (طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) [طه: 1 - 2]، وهلُمَّ جرا، إلى آخر السورة، وقوله تعالى: (وَلا