"لا" مزيدة. والمعنى ما منعك أن تتبعني في الغضب لله وشدة الزجر عن الكفر والمعاصي؟
وهلا قاتلت من كفر بمن آمن؟ ومالك لم تباشر الأمر كما كنت أباشره أنا لو كنت شاهدا؟
أو مالك لم تلحقني.
(قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَاخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَاسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) [طه: 94].
قرئ (لِحْيَتِي) بفتح اللام وهي لغة أهل الحجاز، كان موسى صلوات الله عليه رجلا حديدا مجبولا على الحدة والخشونة والتصلب في كل شيء، شديد الغضب لله ولدينه، فلم يتمالك حين رأى قومه يعبدون عجلا من دون الله بعد ما رأوا من الآيات العظام، أن ألقى ألواح التوراة لما غلب ذهنه من الدهشة العظيمة، غضبا لله واستنكافا وحمية، وعنف بأخيه وخليفته على قومه، فأقبل عليه إقبال العدّو المكاشف قابضا على شعر رأسه - وكان أفرع - وعلى شعر وجهه يجرّه إليه. أى: لو قاتلت بعضهم ببعض لتفرقوا وتفانوا، فاستأنيتك أن تكون أنت المتدارك بنفسك، المتلافى برأيك وخشيت عتابك على إطراح ما وصيتنى به من ضم النشر ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وما لك لم تلحقني)، قال محيي السُّنة: أي: ما منعك من اللحوق بي وإخباري بضلالتهم، فتكون مفارقتك إياهم زجراً لهم عما أتوه؟ .
قوله: (العدو المكاشف)، الجوهري: كاشفه بالعداوة، أي: بادأه بها، ويقال: لو تكاشفتم ما تدافنتم.
قوله: (وكان أفرع)، أي تام الشعر. الأساس: امرأة طويلةُ الفروع، ولها فرعٌ تطؤه.
قوله: (فاستأنيتكَ)، الجوهري: واستأنى به، أي: انتظر به.