(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) [طه: 82]
الاهتداء: هو الاستقامة والثبات على الهدى المذكور وهو التوبة والايمان والعمل الصالح، ونحوه قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا)] فصلت: 30 [وكلمة التراخي دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين في «جاءني زيد ثم عمرو» أعنى أنّ منزلة الاستقامة على الخير مباينة لمنزلة الخير نفسه، لأنها أعلى منها وأفضل.
(وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (83) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) [طه: 83 - 84]
(وَما أَعْجَلَكَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الاهتداءُ هو الاستقامة والثباتُ على الهدى المذكور)، يعني: لما أفاد قوله: (لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً) الهُدى، حُمل قوله: (اهْتَدَى) على الاستقامة عليها، قال الإمامُ: المرادُ الاستمرارُ على تلك الطريقة، إذ المُهتدي في الحال لا يكفيه ذلك في الفوز بالنجاة حتى يستمر عليه في المستقبل ويموت عليه، ويؤكدهُ قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) [فصلت: 30]، وكلمةُ التراخي ليست لتباين المرتبتين بل لتباين الوقتين، فكأنه قال: الإتيان بالتوبة والإيمان والعمل الصالح مما قد يتفق لكل أحد، وإنما الصعوبة في المداومة عليها بعد ذلك.
وقلتُ: ومعنى قوله: "وكلمةُ التراخي دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين": ان مرتبة الاستقامة والدوام أعلى من مرتبة الإحداث والإبداع. قال:
لكل إلى شأوِ العلى حركاتُ ... ولكن عزيزٌ في الرجال ثباتُ