إذا قرئ: (لا تخف)، ثلاثة أوجه: أن يستأنف، كأنه قيل وأنت لا تخشى، أى: ومن شأنك أنك آمن لا تخشى، وأن لا تكون الألف المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل ولكن زائدة للإطلاق من أجل الفاصلة، كقوله (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)، (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)] الأحزاب: 10 [وأن يكون مثله قوله:
كأن لم ترى قبلي أسيرا بمانيا
(ما غَشِيَهُمْ) من باب الاختصار، ومن جوامع الكلم التي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولتصور الحدور بالنار سميت هاوية، والدركُ أقصى قعرِ البحر، ويقال للحبل الذي يوصل به حبل آخر ليدرك الماء: درك، ويقالُ لما يلحقُ الإنسان من تبعةٍ: دركٌ، كالدرك في البيع، قال تعالى: (لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى)، أي: تبعةً، وأدرك الصبي: بلغ غاية الصبا، وذلك حين البُلوغ.
قوله: (لا تخشى، أي: ومن شأنك أنك آمنٌ لا تخشى)، أي: أنها جُملةٌ معترضة.
قوله: (كأن لم تري قبلي أسيراً يمانيا)، قبله:
وتضحكُ مني شيخةٌ عبشميةٌ
القائل كان أسيراً يمانياً، فمرت به عجوزٌ من عبد شمس ضحكت منهُ، فقال البيت، وعبشميةٌ: منسوبٌ إلى عبد شمس، كعبدري: منسوبٌ إلى عبد الدار، وأثبت الألف مع الجازم في "لم تر" لضرورة الشعر، قيل: تري، كأنه جاء على الأصل ترى، ثم سكنه بالجازم.