ووجهها أن الحياة في القراءة المشهورة منتصبة على الظرف، قاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به، كقولك في «صمت يوم الجمعة»: «صيم يوم الجمعة» وروى أن السحرة - يعنى رؤسهم - كانوا اثنين وسبعين: الاثنان من القبط، والسائر من بنى إسرائيل، وكان فرعون أكرههم على تعلم السحر. وروى أنهم قالوا لفرعون: أرنا موسى نائما ففعل، فوجدوه تحرسه عصاه، فقالوا: ما هذا بسحر الساحر، لأن الساحر إذا نام بطل سحره، فأبى إلا أن يعارضوه (تَزَكَّى) تطهر من أدناس الذنوب. وعن ابن عباس: قال لا إله إلا الله. قيل في هذه الآيات الثلاث: هي حكاية قولهم. وقيل: خبر من الله، لا على وجه الحكاية.

(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) [طه: 77 - 79]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أن "الحياة" في القراءة المشهورة منتصبةٌ على الظرف)، قال القاضي: المعنى: فاقض ما أنت قاضيه، أي: صانعهُ أو حاكمٌ به (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، أي: إنما تصنع ما تهواه أو تحكم بما تراه في هذه الحياة الدنيا، والآخرةُ خيرٌ وأبقى، فهو كالتعليل لما قبله، والتمهيد لما بعده.

قوله: (والسائر من بني إسرائيل)، مؤذنٌ أن "سائراً" من السؤر الباقي، لا بمعنى الجميع، كما مر عن صاحب "النهاية".

قوله: (قيل في هذه الآيات الثلاث)، أي: قيل في شأنها وحقها: من كلام السحرة، وهي حكاية الله قولهم، والآيات: قوله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يَاتِ رَبَّهُ مُجْرِماً) إلى قوله: (جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى)، كذا عن القاضي وصاحب "التقريب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015