خالفت بعضها بعضا فقد اتصفت بالاختلاف. شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن الشيء الموعى في وعائه، فلذلك قيل (فِي جُذُوعِ النَّخْلِ). (أَيُّنا) يريد نفسه لعنه الله وموسى صلوات الله عليه بدليل قوله (آمَنْتُمْ لَهُ) واللام مع الإيمان في كتاب الله لغير الله تعالى، كقوله تعالى (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)] التوبة: 61 [، وفيه نفاجة «1» باقتداره وقهره، وما ألفه وضرى به: من تعذيب الناس بأنواع العذاب. وتوضيع لموسى عليه السلام، واستضعاف له مع الهزء به: لأن موسى لم يكن قط من التعذيب في شيء.

(قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (73) إِنَّهُ مَنْ يَاتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (74) وَمَنْ يَاتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) [طه: 72 - 76]

(وَالَّذِي فَطَرَنا) عطف على ما جاءنا أو قسم. قرئ: (تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن الشيء المُوعي)، بيانٌ لمجاز استعمال "في" موضع "على".

قوله: (بدليل قوله: (آمَنْتُمْ لَهُ))، يعني: دل هذا على أن المراد من قوله: (أَيُّنَا أَشَدُّ) نفسه وموسى عليه السلام؛ لأن معنى (آمَنْتُمْ لَهُ): آمنتم لأجله وبسببه؛ لأنكم خفتُم على أنفسكم أن يعذبكم إن لم تؤمنوا له استهزاء بموسى؛ لأنه لم يُعذب قط.

قوله: (وفيه نفاجةٌ)، النهاية: النفاج: الذي يُمتدح بما ليس فيه، من الانتفاج: الارتفاع، يعني: تعلمون عادتي في العذاب، ولا تشكون في ضعف موسى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015