في ملكوته إلا إذا رأى ذلك مصلحة وحكمة، وأطلق لنا الإذن فيه؟ ! وقيل: ما سلف من أمر الدنيا وما يستقبل من أمر الآخرة، وما بين ذلك: ما بين النفختين وهو أربعون سنة. وقيل: ما مضى من أعمارنا وما غبر منها، والحال التي نحن فيها. وقيل: ما قبل وجودنا وما بعد فنائنا. وقيل: الأرض التي بين أيدينا إذا نزلنا، والسماء التي وراءنا، وما بين السماء والأرض، والمعنى: أنه المحيط بكل شيء لا تخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة، فكيف نقدم على فعل نحدثه إلا صادرا عما توجبه حكمته ويأمرنا به ويأذن لنا فيه. وقيل: معنى (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا): وما كان تاركا لك،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: معنى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً): وما كان تاركاً لك): عطفٌ على قوله: "لا تجوز عليه الغفلة والنسيان"، وقوله: "وقيل: هي حكاية قول المتقين حين يدخلون الجنة": عطفٌ على قوله: (وَمَا نَتَنَزَّلُ) حكاية قول جبريل عليه السلام.

نقل الإمام عن القاضي من المعتزلة، أنه رد هذا القول قوال: هذا مخالفٌ للظاهر؛ لأن التنزيل بنزول الملائكة أليقُ، والأمر في قوله: (بِأَمْرِ رَبِّكَ) بالتكليف أنسبُ، ولأن الخطاب هنا من جماعةٍ لواحد، وذلك لا يليقُ بمخاطبة بعض أهل الجنة لبعض.

وقلتُ: وكلا الوجهين له اعتباراٌ في النظم. أما الأول: فلأنه صلواتُ الله عليه حين سُئل ن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والرُّوح، وأبطأ عليه الوحيُ حتى لم يدر كيف يجيب، ثم أنزل الله الأجوبة إكراماً له وأراد الله تعالى أن يفرق هذه الأحوال في السور الثلاث، أودع سؤال الروح في بني إسرائيل: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء: 85]، وسؤال قصة أصحاب الكهف وذي القرنين فيما يليها، وأودع ذكر استبطاء الأجوبة في هذه السورة، وللاختصاص أسرارٌ لا يعلمها إلا الله، ومن أيده بروح القُدس. وأما الوجه الثاني فترتيبه ما ذكره المصنف بقوله: "وما ننزلُ الجنة إلا بان من الله علينا" إلى آخره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015