رجا موسى عليه السلام لحرصه على العلم وازدياده، أن يستطيع معه صبرا بعد إفصاح الخضر عن حقيقة الأمر، فوعده بالصبر معلقا بمشيئة الله، علما منه بشدّة الأمر وصعوبته، وأن الحمية التي تأخذ المصلح عند مشاهدة الفساد شيء لا يطاق، هذا مع علمه أن النبي المعصوم الذي أمره الله بالمسافرة إليه واتباعه واقتباسه العلم منه، برىّ من أن يباشر ما فيه غميزة في الدين، وأنه لا بد لما يستسمج ظاهره من باطن حسن جميل، فكيف إذا لم يعلم.
[(قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً)].
قرئ: (فَلا تَسْئَلْنِي) بالنون الثقيلة، يعنى: فمن شرط اتباعك لي أنك إذا رأيت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فوعده بالصبر)، عطفٌ على "رجا"، و"أن يستطيع" مفعول "رجا"، والرجاء هو قوله: (سَتَجِدُنِي)، و"علماً" مفعولٌ له لوعده الصبر معلقاً. و"أن الحمية" عطفٌ على شدة الأمر على البيان والتفسير.
قوله: (هذا) أي: كل هذه المبالغات متضمنة مع علم موسى أن الخضر مع جلالته بريٌّ أن يركب أمراً يُعابُ عليه، فكيف مما يُستسمج؟ ظاهره ممن لا يعلمُ مرتبته في الدين، فإنه لا يُطاق قطعاً، فالضمير في "مع علمه": راجعٌ إلى المصلح وهو موسى، مُظهر أقيم مقام المضمر إيذاناً أن المصلح شأنه أن لا يصبر على مثل تلك الحالة ويرى الصالح.
قوله: (غميزة)، الأساس: ومن المجاز: ما فيه مغمزٌ ولا غميزةٌ، أي: معابٌ، وغمز فيه: طعن. قال القاضي: وتعليقُ الوعد بالمشيئة إما للتيمن، وخُلفُه ناسياً لا يقدح في عصمته، أو لعلمه بصعوبة الأمر، فإن مشاهدة الفساد والصبر على خلاف المعتاد شديدٌ، فلا خُلفَ، وفيه دليلٌ على أن أفعال العباد واقعة بمشيئة الله.
قوله: (وأنه لابد) الضمير للشأن، والجملة معطوفةٌ على قوله: "أن النبي".
قوله: (قرئ: "فلا تسألني")، نافعٌ وابن عامر: بفتح اللام وتشديد النون، والباقون: